بقلم: مجدي حلمي
في الخطاب الأخير والطويل للرئيس المعزول محمد مرسي قال جمله عندما نطقها عرفت ان نهاية جماعة الاخوان أزفت وان ثورة 30 يونيو ستكون عارمة فبمجرد أن قال» إني افوض المحافظين بفصل أي موظف يعطل المسيرة» .وهذا كان اذنا باخونة الدولة تاكدت ان هناك 7 ملايين موظف سوف يخرجون الي الشوارع للدفاع عن وظائفهم وهم الحلقة الأقوي في النظام الإداري المصري وكان أعضاء الجماعة قبلها يدخلون الي دواوين الحكومة ويأمرون وينهون في أي مسئول.
تذكرت هذه الواقعة بعد ما حدث من تسريبات لامتحان الثانوية العامة والتي تكاد تكون متعمدة من جماعة محددة داخل الوزارة للتخلص من الوزير أو إحراج السلطة الحالية وما يزيد من يقيني أن عملية التسريبات متعمدة وأنها متكررة ومعالجتها سواء بالطرق الامنية أو الادارية خاطئة من البداية ولكن هذه العملية نجحت في إحراج السلطة وتهديد مستقبل الوزير وإظهار أن الدولة فاسدة في كل أركانها ،فلوبي الموظفين قادر علي تنفيذ ما يريد. فهم القوي الوحيدة التي أجبرت البرلمان علي رفض قانون من أكثر من 300 قانون صدروا في الفترة التي سبقت انعقاده وهو قانون الخدمة المدنية وهو القانون الذي خرج ولم يعد حتي الآن وتخشى الدولة قبل البرلمان من تمريره في حين أقرت قوانين كانت مرفوضة لانتهاكها الدستور مثل قانون التظاهر أو قانون مكافحة الإرهاب الذي تم تطبيقه علي أصحاب الرأي وليس الارهابيين
ورغم هذه القوة فإنهم أكثر القطاعات الأكثر عرضة للفساد بسبب ضعف الأجور التي يحصلون عليها وسوء حالة بيئة العمل التي يعملون بداخلها وهذا هما سبب انتشار الرشوة الصغيرة في مصر والتي أصبحت أمرا طبيعيا يتم بصوره علنية في أغلب دواوين الحكومة وقطاعات الدولة وسلطاتها فالموظف في يده الحل دائما ولكن بعد أن ينال «الإكرامية أو تحلية البق»وغيرها من كلمات الدلع للرشوة والتي كان آخر تقدير لها منذ 7 سنوات 55 مليار جنيه سنويا.
وهذا الوضع السيئ ليس في مصر فقط ولكن في كل الدول التي تعاني من تضخم الجهاز الاداري في الدولة وضعف أجور هذا الجهاز والعمل في بيئة غير آدمية. ومن أجل هذا اهتمت الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد بقضية الأجور وطالبت الحكومات بالنظر دوريا في عملية تحسين أجور الموظفين وتحسين ظروف عملهم والشيء المختلف في مصر ان الجهاز الإداري لدينا هو أقدم منظومة بيروقراطية في التاريخ وهو مجموعة من الإجراءات الروتينية المتراكمة عبر آلاف السنين وفشلت كل محاولات إصلاحه لأن هذه المحاولات كانت محاولات كاذبة وكانت للاستهلاك الإعلامي أو لإرضاء مؤسسات التمويل الدولية. وكل الانظمة السياسية التي مرت علي مصر عجزت عن إصلاح هذا النظام وأي إصلاح لهذه المنظومة يحتاج إلي استقرار وانتعاش اقتصادي يسمح بزيادة الأجور والمعاشات وسد الفجوة بين آخر أجر كان يحصل عليه الموظف ومعاشه . وإن يتم وفق خطة واضحة والتدرج في عمليه تطوير الانظمة الادارية المعمول بها والتخلص من ملايين القرارات والمنشورات والأوامر التي تحكم العمل الإداري في مصر.
فأي عملية إصلاح لها ضحايا ولكن القدرة علي الخروج بأقل عدد ممكن معيار مهم لنجاحها. ولكن الأهم أن نبدأ في إصلاح هذه المنظومة العتيقة التي تحولت الي مركز لنشر الفساد. والاصلاح يحتاج إلي إرادة قوية ورؤية وخطط معلنة وإصرار علي تطبيقها .