الاحتلال الإسرائيلي يعمل وفق خطة منظمة وآليات موضوعة بدقة وأهداف محددة منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، والتي قد تمتد إلى ما لا يعلمه إلا الله.. وما يصبوا إليه الاحتلال هو مسح فلسطين من الخريطة في أكبر إرهاب دولة يمارس على مرئ ومسمع من العالم على مدار التاريخ وفق عدالة دولية عرجاء وتأييد أعمى، وتصفيق حاد للباطل لتقرع طبول الحرب وتصل دقاتها إلى عنان السماء.
يأتي ذلك في ظل ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين بصورة متزايد تؤكد صدق نوايا الشيطان وجنوده، في غياب الضغط العربي والإسلامي وانتظار بيانات الشجب والرفض التي تأتي خافتة دائما بعد فوات الأوان فتذهب بلا صدى لتلحق سابقتها ولا يبقى أمامنا إلا انتظار المزيد من الكوارث والويلات التي ربما نستحقها دائما لأن الضعف والهوان لا يجلب إلا الخراب والدمار.
المسألة ليست كما تدعي إسرائيل أنها في حرب مسلحة مع حركة حماس والمقاومة، فما يحدث على أرض الواقع يكذب أقوالها، فالمحارق والمجازر التي يقيمونها على أرض المعرك فلسطين تحصد كل ما يتحرك على وجهها إنسان كان أو حيوان، أو حتى زرع أو مباني خرسانية، إنها إبادة لكل شيء يرتبط بأرض مهبط الأنبياء وأولى القبلتين وثالث الحرمين.
ما يرتكبه الجزارون النازيون من إبادة جماعية ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء، وفي وجه الأمم المتحدة التي كبلتها الصهيونية الدولية وفرضت عليها الانصياع الأعمى لرغبات النازيون الجدد، وفي المقابل فإن مظاهرات السلام ورفض الحرب والتهجير والإبادة التي تتواصل في عواصم العالم ويشارك فيها اليهود أنفسهم وكل القوى المحبة للسلام والمدركة لفظاعة ما يحدث من جرائم حرب غير كافية لردع إسرائيل، والسبب ببساطة أن أمريكا والاتحاد الأوروبي يقفان بقوة خلف الاحتلال دعما لأطماعه التوسعية وتلبية لرغباته الدموية.
العرب والمسلمون قرابة المليارين مسلم حول العالم لا يستخدمون أوراق الضغط الكافية على الرغم من أنهم يملكون ويقدرون ويستطيعون، لكن أغلبهم متواكلون على طريقة «للبيت رب يحميه»، ويستترون خلف مصالح مؤقتة تربطهم بالثعلب المكار الذي لم يحتفظ بوعد دوما مع كل ضحاياه.
بالدعاء وحده لن تحسم قضية الصراع العربي الإسرائيلي فدعوات المسلمين على وجه الخليقة منذ وعد بلفور حتى الآن لم تحسم هذه القضية، هذا ليس تشكيكا في قوة الدعاء كونه الوحيد الذي يغير القدر، ولكنه تشكيكا في إخلاص النوايا المرتبطة بالعمل لدرء المخاطر ونصرة الأخ ظالما أو مظلوما، فما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط.
باختصار.. دماء الأطفال والنساء والشيوخ ووئد الحياة على أرض فلسطين ليس مسؤولية المجتمع الدولي فقط، ولكنها أيضا تقع على عاتقنا كعرب ومسلمين، فنحن نتحمل المسؤولية كاملة ولا نعفي أحد خصوصا أصحاب المواقف الرمادية والمكاسب المحدودة.. فلولا ضعفنا وهواننا على أنفسنا ما هنا على غيرنا.
ما يحدث لنا ويشهده عالمنا العربي من تفكك وتمزق نتيجة حتمية لفرقتنا وتشتتنا وعدم الاتفاق على رأي واحد فخارت قوانا وتفتت العديد من دولنا العربية تضاربت المصالح وشغلتنا أنفسنا بما أظهر ضعفنا فتكالبت علينا الأمم ووصلنا إلى حال المستجير من الرمضاء بالنار كمن يركب البحر وسط أمواج هائجة في ليلة ظلماء، فشموع الأمل ومفاتيح القوة مشتتة بين أياد متفرقة فهل نلبي النداء قبل فوات الأوان.
ربما كانت القمة العربية رقم 47 المرتقبة في المملكة العربية السعودية خلال ساعات هي الأمل الأخير وطوق النجاة في الوقت بدل الضائع، فإسرائيل ماضية في غيها ونتائج القمة إما زادتها جبروتا وعنفوانا وإما وجدت الردع الكافي وأوراق ضغط لا تستطيع ومن يساندها مواجهتها فتجبر للجلوس على طاولة المفاوضات والقبول بحل الدولتين.
القمة فرصة كبيرة لتعيد للشارع العربي من المحيط إلى الخليج الثقة في جامعته العربية عبر اتخاذ خطوات تنفيذية جادة تجاه القضية الفلسطينية ككل مع ضرورة أن تكون مواكبة للحدث على نحو يحفظ للأشقاء أرضهم وأرواحهم وذلك عبر وحدة الصف العربي والكلمة وإدراك أن الخطر الحقيقي ليس في غزة وحدة بل على الجميع بلا استثناء.
نأمل أن ننتقل من مرحلة الأقوال إلى مرحلة الأفعال، قبل يوم لا ينفع فيه الندم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية