لماذا اجتمع الزعماء والملوك والرؤساء في قمة الرياض؟ سؤال جوهري محدد يبحث من خلاله 2 مليار مسلم حول العالم بينهم 468 مليون عربي، عن إجابة قاطعة له بعيدا عن الشجب والتنديد والتشديد والتأكيد، والأهم الإدانة والرفض والاستنكار.
الملايين حول العالم تجمدت أنفاسهم وتوقفت عقارب الساعة أمام أعينهم، ونحوا كل متطلباتهم في الحياة جانبا ينتظرون إجراء رادع وفوري عبر بيان يخلو من كل تلك الكلمات الرنانة، التي أكل منها الزمان وشرب، عبر عقود عجاف من عمر الصراع العربي الإسرائيلي.
وللأسف الشديد ما أشبه الليلة بالبارحة، تضمن البيان الختامي للقمة العربية كل هذه الكلمات وخلى من موقف عربي موحد رادع وقوي يشفي غليل الصدور ويهدئ من نار الغضب المكتوم بداخلهم، وتبخرت أمانيهم فلا جديد قاطع يوقف الهولوكوست الصهيوني.
كنا نتمنى وضاعت أمانينا، ونرجو أن تكون هناك خطوات تصعيدية ومواقف متشددة من المقاطعة الجزئية إلى الكلية، وإجراءات اقتصادية مؤثرة ضد الكيان الصهيوني والدول التي تسانده في جرائم الحرب والإبادة والمحارق التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا.
طموحات المسلمين والعرب كبيرة، ونؤكد ونعيد ما أكدناه من قبل، فنحن لسنا دعاة حرب كفانا الله ويلاتها، ولكن السلام ينهار إذا لم يجد قوة تسانده وتحميه وتدافع عن مشروعيته وكذلك الحقوق المشروعة وتقرير المصير.
بصراحة.. القمة كانت كاشفة، وحروف كلماتها المتناثرة نزعت ورقة التوت لتفضح عورات المتخاذلين والمتواطئين، فالشعوب العربية والإسلامية بلغت سن الرشد وأصبحت تدرك جيدا من يساند القضية ومن يطيل في أمد النزاع لتبقى مشتعلة، لتصفي نفسها بنفسها.
الدليل على ما سبق ببساطة والذي يكشف خطورة التنازلات وضعف المواقف هو المقارنة بين ما حدث في أول قمة عربية عقدت بالقاهرة عام 1946 بدعوة من الملك فاروق وعقدت في قصر أنشاص بمشاركة 7 دول وهي مصر والأردن والسعودية واليمن والعراق وسوريا، والتي دعت إلى وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والتصدي لها بكل قوة.
واليوم وبعد 77 عاما وارتفاع تمثيل الدول الأعضاء بالجامعة العربية ليصل إلى 22 دولة مع الوضع في الاعتبار زيادة قدرات الدول الأعضاء المالية والعسكرية والبشرية، تبدلت الدعوة وتغير المسار ليناشد المجتمعون العالم التكتل للتصدي لمحاولات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم إلى دول الجوار!!
هكذا بات مسار القضية جليا وواضحا ولا يحتاج من يملك في رأسه جزء من عقل أن يعي خطورة التطورات وتسلسل الأحداث ودق كل نواقيس الخطر لنتائج نأمل ألا تتحقق فلن يرحمنا التاريخ ولن تنساها لنا الأجيال القادمة.
باختصار.. الموقف المصري كان الأكثر صدقا وموضوعية طوال مدة الصراع، والأكثر حدة وصلابة منذ اندلاع الحرب على غزة، والثابت بقوة بلاءاته التي لا تفاوض عليها – لا لتهجير الفلسطينيين ولا للنزوح – وضرورة الوقف الفوري للحرب واللجوء إلى طاولة المفاوضات لحل الدولتين وفق حدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
وأمس جاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الإسلامية المشتركة، واضحة ومحددة تشدد على موقف مصر الثابت والراسخ منذ اندلاع طوفان الأقصى وتطالب بالوقف الفوري لاستهداف وقتل الأبرياء وترويع المدنيين وضرورة وقف كل الممارسات التي تهدف إلى التهجير القسري للفلسطينيين خارج أراضيهم، وأن أهالي غزة يعانون من ممارسات لا إنسانية تعود بنا إلى العصور الوسطى وتستوجب وقفة جادة من المجتمع الدولي.
مطالب الرئيس السيسي الـ6 التي وجهها للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الكبرى في الضغط الفعال لوقف نزيف الدماء الفلسطينية فورا ثم معالجة جذور الصراع وإعطاء الحق لأصحابه كسبيل وحيد لتحقيق الاستقرار والأمن لشعوب المنطقة.
وتبقى كلمة.. الموقف المصري الواضح وضع خريطة طريق للمجتمع الدولي للقيام بدوره.. لكننا نأمل في مساندة عربية وإسلامية تدعم مصر لنوقف تفشي السرطان الإسرائيلي في المنطقة بدلا من أن نقع في شباك الحكمة اليهودية «إذا لم تستطع أن تنفجر فيهم كقنبلة موقوتة فتخلل أجسادهم كسرطان»، فتخور قوانا وينخر السرطان عظامنا لا قدر الله.
الاتحاد قوة والنجاة للجميع حمى الله مصرنا ووطننا العربي وعاشت فلسطين عربية وستبقى عربية رغم أنف الكارهين والمتآمرين.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية