قناة بن جوريون الإسرائيلية ما بين القفز إلى السطح برؤوسها الشيطانية والاختفاء في الأعماق سكونا واندثارا لمشروع فاشل لن يجني مروجوه وداعميه إلا خيبة الأمل مترجلة، فلن تجد من تمتطيه سوى الحسرة والندامة.
وخلاصة القول إن مصر لن تركع أبدا ولن تغير مواقفها الثابتة والراسخة خاصة تجاه القضية الفلسطينية، ذات الأصول التاريخية المتجذرة، ليس فقط لدى القيادات السياسية المتعاقبة منذ العهد الملكي مرورا بالرئيس جمال عبد الناصر، وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإنما تتمتع بقناعة راسخة لدى جموع الشعب المصري، وتتغنى بها الأجيال.
والقول الفصل.. فلسطين عربية وستبقى عربية أبد الآبدين، والدولة الفلسطينية المستقلة غايتنا وهدفنا الذي لن نحيد عنه، ولا بديل له حتى لو اتسعت دول العالم أجمع مهجرا رحبا للأشقاء الفلسطينيين، فأرض أولى القبلتين وثالث الحرمين ومهبط الأنبياء والرسالات لن يعمرها ويحيا فوقها هنيئا بالعيش فيها إلا أصحابها ولو كره الكافرون والأفاقون.
فما هي حكاية قناة بن جوريون؟ وكيف باتت ورقة مهمة ضمن أوراق الضغوط في مأساة غزة؟ ومن هم أطرافها وما مدى تأثيرها على قناة السويس؟ وغيرها الكثير من الأسئلة نجيب عنها من خلال السطور التالية.
قناة بن جوريون حلم إسرائيلي صاحبه ديفيد بن جوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي، زعيم الميليشيات الصهيونية التي عملت على تهجير الفلسطينيين عام النكبة 1948، وطرأت الفكرة على ذهنه في الخمسينات بهدف منافسة قناة السويس وحتى يعضض وجود إسرائيل في المنطقة بالقوة الممزوجة بالاقتصاد، لتكون محط أنظار العالم.
إذن الحلم عمره 73 عاما فلماذا لم ينفذ طوال هذه الفترة؟ ولماذا تم تأجيله؟ وما الهدف من احيائه الآن؟
الحكاية أن المشروع لم ينفذ نظرا لتكلفته الاقتصادية المرتفعة جدا ولعدم وجود ممولين له في ذلك الوقت، أو داعمين يدافعون عنه بقوة، فتوقف تنفيذه، وكان مخططا للقناة أكثر من مسار أولهما كان الأكثر صعوبة جغرافيا وتكلفة مرتفعة، لأنه كان سيبدأ من إيلات على البحر الأحمر ويمر بوادي عربة ومرتفعات الأردن، وجبال صحراء وادي النقب، ثم حيفا والبحر المتوسط.
والمسار الثاني أقل في المسافة وأقل تكلفة بقليل ويصل إلى أشدود على البحر المتوسط، إلا أن المساران فشلا بسبب التكلفة المرتفعة التي تصل إلى 55 مليار دولار.
وجاءت فكرة المسار الثالث الذي يحاول اليهود حاليا تطبيقه وهو الاستيلاء الكامل على غزة وتفريغها من سكانها تماما حتى تشق قناة بن جوريون بين إيلات والبحر المتوسط عبر غزة، وتأمل إسرائيل ألا يكون للفلسطينيين وجودا في هذه المنطقة، فلا يستفيدوا منها وتأمن تهديدها بصواريخها.
والمسار الثالث الذي تسعى إسرائيل إليه هو الأقل نفقة حيث تصل تكلفته إلى 15 مليار دولار فقط، بفارق 40 مليار دولار عن المسارين السابقين، ويكاد يكون هو نفس طول مسار قناة السويس.
في مقابل الحلم الإسرائيلي المزعوم فطنت مصر لضرورة العمل باستمرار على تطوير قناة السويس لتبقى في الصدارة وكانت البداية عندما طلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1965 قرض من البنك الدولي لأنشاء القناة الجديدة لكن طلبه رفض، وظل الحلم موجودا إلى أن حققه الرئيس عبد الفتاح السيسي بأموال مصرية خالصة.
القناة المزعومة تدعم الاقتصاد الإسرائيل في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والتجارة واللوجيستيات، وتؤثر بصورة مباشرة على قناة السويس، الأمر الذي فطنت إليه القيادة السياسية فأنشأت الطرق والكباري وقامت بتعميق القناة، كما أنشأت شبكة سكك حديدية متطورة تربط ربوع الجمهورية وموانيها وقامت بتحديث أسطولها التجاري الجوي.
باختصار.. ما يحدث في غزة من حرب إبادة وهولوكوست إسرائيلي ومجازر ومذابح ومقابل جماعية تنفيذا لمخطط يهودي للاستيلاء الكامل على غزة وبدأ حفر قناة جوريون لربط حيفا بالبحر المتوسط عن طريق غزة ما يوفر عليها 40 مليار دولار فرق تكلفة حفر القناة عبر مسارات بديلة ويجعلها منطقة لوجستية يهودية في قلب الوطن يثبت بها أركان دولته ويجعل منها منطقة تجارة عالمية على أنقاض غزة وأرواح شهدائها بمباركة المجتمع الدولي وتأييد وتمويل بعض أخوة يوسف.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية