الآن.. وبعد كل هذه المحرقة.. بعد كل هذه الوحشية والإجرام.. بعد كل هذه المجاز الغير مسبوقة في التاريخ، الآن وبعد أن فقد العالم إنسانيته، وسقط المجتمع الدولي بأسره في الوحل، الآن وبعد أن سقطت الأقنعة وظهر الوجه الحقيقي لحكام أمريكا وأوروبا.
الآن.. وبعد أن أصبحنا غير قادرين على تحمل ما يحدث من مجازر ووحشية وقتل وسفك دماء وضرب مستشفيات ومدارس ومساجد وكنائس وتجويع شعب بأسره ليموت بالبطيء، الآن.. وبعد أن شاهدنا جثث أهلنا في غزة تنهشها الكلاب أمام المستشفيات على مرمى ومسمع من العالم أجمع بعد أن منع العدو المجرم أهلنا في غزة من دفن موتاهم، الآن.. وبعد أن منع العدو الصهيوني مقومات الحياة من الماء والغذاء والدواء والوقود عن أهلنا في غزة ليبدأ مرضاهم في الرحيل بهدوء بعد توقف المستشفيات عن العمل، وينتظر الأحياء منهم المصير المحتوم وهو اللحاق بهم بعد أن فقدوا الأمل في الحصول على المال والغذاء.
الآن.. وبعد أن أصبحت دولة الاحتلال فوق القانون الدولي وفوق كل شيء..
الآن – والآن فقط – ليس أمامنا إلا أن نتمسك بالأمل.. الأمل في النجاة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أهالي غزة الصامدون في وجه كيان صهيوني محتل لا نستطيع أن نقول عنه أنه فقد إنسانيته لأنها لم تكن موجودة عنده من الأساس.
وأمام كل هذا لا نملك إلا أن نعلم أولادنا أن إسرائيل هي دولة احتلال.. وهي كيان صهيوني آثم.. سنعلم أولادنا أن حكام إسرائيل هم مجرمو حرب لأنهم قتلوا أهلنا في غزة وحولوا تلك البقعة الغالية علينا إلى مقبرة للنساء والأطفال، سنعلم أولادنا أن الواجب المقدس الذي يجب أن يعيشوا من أجله هو قتال هذا العدو الذي ارتكب أبشع الجرائم في تاريخ الإنسانية.. سنعلم أولادنا أنه لا عزة ولا كرامة لنا إلا بعد تحرير الأقصى والقضاء على المجرم الغاصب والثأر لأطفالنا الذين انفطرت قلوبنا عليهم.
سنعلم أطفالنا أنه لا يوجد شيء في هذا العالم اسمه المجتمع الدولي.. وأنه لا عدالة ولا إنسانية في هذا العالم، وأن شريعة الغاب هي التي تسود، وأن القوة أصبحت فوق الحق، وأنه لابد للحق من قوة تحميه.
ولمجرم الحرب نتنياهو نقول: لن يكون لك ما تريد، وإذا تصورت أن قتل أطفالنا في غزة سيضمن لك الأمن والأمان فأنت واهم.. وذلك لعدة أسباب أولها أن استشهاد بضعة آلاف من الأطفال لا يعنى أن القضية انتهت لأنك تعلم – كما نعلم- أن هناك ملايين الأطفال على قيد الحياة هناك.. لأن غزة بفضل الله أعلى نسبة مواليد على وجه الأرض وهذا أمر مرعب بالنسبة لك.
أما السبب الثاني فهو يتعلق بهؤلاء الملايين الذين يعيشون اليوم هذه النكبة.. يعيشون تحت قصف المدافع ووسط المجازر.. يشاهدون بأعينهم المحرقة تلو الأخرى.. وكلها مشاهد ستظل راسخة في أذهانهم أبد الدهر وينتظرون اليوم الذي ينتقمون فيه لآبائهم وأجدادهم.
أما السبب الثالث والذي لم تفكر فيه للحظه هو أنكم كنتم تخشون أطفال غزة.. أما اليوم فعليكم أن تخشوا أطفال العرب والمسلمين وأحرار العالم وليس غزة وحدها.. وإن غدا لناظره لقريب.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية