النجاح الكبير الذي حققته مصر مؤخراً في الحرب الإسرائيلية البشعة على قطاع غزة، بات محل تقدير العالم أجمع، وما زالت مصر تواصل جهودها الواسعة والحثيثة من أجل وقف دائم لهذه الحرب، حتى تتم المفاوضات بشأن عملية سلام شاملة وعادلة، وتفعيل حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وبفضل هذه الجهود المصرية دخلت غزة وإسرائيل في هدنة، ومن المنتظر القيام بهدن أخرى، من أجل إنهاء عمليات تسليم وتسلم الأسرى، للوصول في نهاية المطاف كما قلت إلى وقف دائم للحرب وبدء استئناف مفاوضات السلام.
والمعروف أن حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني راح ضحيتها حتى الآن ما يزيد على خمسة عشر ألف شهيد بينهم حوالي ستة آلاف ومائة وخمسين طفلاً، وأكثر من أربعة آلاف سيدة، إضافة إلى ما يزيد على ستة وثلاثين ألف مصاب وجريح، وأمام هذا الوضع المأساوي البشع كان لا يمكن للقاهرة أن تقف متفرجة على هذا الأمر البشع كعادة الدولة المصرية.
فقد حملت على أكتافها هموم القضية الفلسطينية منذ وعد «بلفور» عام 1917، حتى الآن، بخلاف الدور المصري ضد العصابات الصهيونية قبل هذا الوعد المشئوم، الذي أبرمته بريطانيا، حتى تم الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وإقامة الدولة العبرية التي تسعى إلى القضاء على الأمة العربية جمعاء.
ومن هذا المنطلق والرؤية المصرية الثاقبة جاء الدور المصري الرائع، للتصدي لهذا الإجرام الصهيوني البشع، ومن المؤكد أن فلسطين قد حققت نصراً مؤزراً رغم حرب الإبادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني مؤخراً، والفضل في هذا يرجع إلى الدولة المصرية، لاعتبارات كثيرة أولها على الإطلاق القضاء على حلم التهجير القسري الذي كانت تعتزم إسرائيل تنفيذه برعاية المجتمع الدولي وأمريكا لحل القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى، حيث كانت الصفقة التي يطلقون عليها صفقة القرن تقوم على أمرين: الأول تهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وتهجير سكان الضفة الغربية إلى الأردن، وبذلك تتم تصفية القضية الفلسطينية.
كما ضاع أيضاً حلم إسرائيل الذي أعلنت عنه على لسان وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، عندما دعا دول العالم لاستضافة الفلسطينيين على أراضيهم، بهدف تصفية القضية الفلسطينية، لأن هجرة الفلسطينيين حتى ولو كانت مؤقتة بمثابة أبدية لدى الكيان الصهيوني.
أما النصر الحقيقي الذي حققه الفلسطينيون، فهو أن القضية الفلسطينية باتت في بؤرة العالم أجمع، خاصة شعوب المجتمع الدولي، وبالتالي تم إحياء هذه القضية وأن الفلسطينيين لا يمكن أبداً أن يتخلوا عن أرضهم حتى لو تمت إبادتهم جميعاً، وأن إسرائيل هي دولة محتلة لأرض لا علاقة لها بها.
كما أنه لا يمكن أبداً أن ننسى أن المجتمع الدولي بكل هيئاته ومجالسه المختلفة، تمت تعريته أمام شعوب الدنيا كلها بلا استثناء، وسيستمر ذلك لأجيال طويلة، بسبب الكيل بمكيالين والكذب والخداع وخلافه من الأمور التي تؤكد أن المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة لم يعد لهم أي مصداقية على الإطلاق، خاصة فيما يتعلق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد تبين أن ملف حقوق الإنسان الذى تزعمه أمريكا والمجتمع الدولي، بمثابة خداع ومسخرة، وهذه الأمور مع الأسف الشديد لا تطبق إلا على الدول الضعيفة، وإلا ما تفسير ما حدث منذ 7 أكتوبر الماضي حتى الآن؟!!
نعم، لقد نجحت الدولة المصرية في أن تحافظ على الأرض الفلسطينية وتعيد القضية إلى دائرة الاهتمام من أجل استئناف مباحثات السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبذلك يكون الأشقاء الفلسطينيون قد حققوا النصر على الكيان الصهيوني المغتصب للحقوق المشروعة.. تحية للدولة المصرية القوية القادرة على تحقيق المستحيل.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية