مازالت أصداء قرار محكمة العدل الدولية تتوالى على المستويين الإقليمي والدولي بين تأييد منقطع النظير وبين رفض وتحفظ من إسرائيل وحلفائها، ولكن الأهم هو الأوضاع على أرض المعركة، ومدى استجابة إسرائيل لقرارات المحكمة وخاصة فيما يتعلق باتخاذ إسرائيل جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية وعدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة، واتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية وغيرها.
واليوم التالي لقرارات المحكمة الدولية واصلت إسرائيل عدوانها البربري الشرس على قطاع غزة، حيث أوقع القصف المزيد من الشهداء عبر 19 مجزرة جديدة أسفرت عن استشهاد 165 مدنياً و290 مصاباً، فيما تخوض المقاومة الفلسطينية اشتباكات عنيفة مع الاحتلال على عدة محاور في خان يونس.
ما سبق يعنى أن الاحتلال الإسرائيلي مستمر في مذابحه وجرائمه الإنسانية ضد الأشقاء في غزة، وأن قرار المحكمة الدولية بالنسبة له حبر على ورق، وأن مخططاته الاستعمارية والتدميرية والتوسعية مازالت محل تنفيذ، وظهر هذا واضحاً فيما يسعى إليه لتوسيع بؤرة الصراع في أكثر من مكان وإشعال النيران في أماكن متفرقة لتفجير الأوضاع في المنطقة بصورة غير مسبوقة تسمح له بتنفيذ مخططاته المزعومة.
على الصعيد الغربي والدعم اللامحدود للاحتلال، فبدلاً من تنفيذ قرار المحكمة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، بدأ الغرب بضغط من أجل وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.. «أونروا».
وأعلنت 9 دول تعليق تمويلها للوكالة في ضوء اتهامات إسرائيلية لعدد من موظفيها بالمشاركة في أحداث 7 أكتوبر الماضي، فيما ناشدت الأمم المتحدة الدول المانحة ضمان استمرار عمليات الأونروا في غزة.
وقف تمويل وكالة غوث أمر في منتهى الخطورة سوف يفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع بصورة كبيرة نظراً لاعتماد سكانه بصورة كبيرة على الدعم الذي تقدمه الوكالة لهم، وإلى بقية المناطق التي تستضيف اللاجئين بما في ذلك الأردن.
فرض عقوبات على الوكالة بسبب مزاعم يهودية يفاقم التوترات ويهدد الأمن والاستقرار الإقليمي، ويعتبر أمرا غير مسبوق وفي توقيت غير مناسب وهروب وتعنت ضد قرار المحكمة الدولية وانحياز أعمى لجيش الاحتلال في حربه اللاإنسانية ضد الأشقاء في فلسطين.
وكالة «أونروا» التي تتلقى سهاماً قاتلة من أمريكا وبريطانيا وألمانيا وكندا وأستراليا وإيطاليا وفنلندا وهولندا، تعد شريان الحياة لأكثر من 2.5 مليون فلسطيني يواجهون الموت منذ 4 أشهر تقريبا على مدار الساعة، ويتعرضون لأبشع الجرائم الإنسانية على الإطلاق ويواجهون حرب إبادة جماعية وعنصرية مكتملة الأركان.
يصل عدد اللاجئين الفلسطينيين داخل الأراضي الفلسطينية 6 ملايين و150 ألف لاجئ، ويبلغ عددهم في دول الشتات 6 ملايين آخرين بحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، ويبلغ عدد المسجلين لدى الأونروا 5 ملايين و900 ألف لاجئ فلسطيني.
باختصار.. الغزيون يتعرضون إلى ضغوط غير مسبوقة، حيث يستخدم الاحتلال وأعوانه سلاح التجويع لإجبار من ينجو منهم من الموت على الهجرة أو الفرار إلى أي بقعة في العالم في محاولة أخيرة لتصفية القضية الفلسطينية.
محاولات الضغط على الأونروا ليست جديدة فقد عانت الوكالة من قبل من تقليص التمويل من بعض الدول خلال فترة الرئيس الأمريكي ترامب بما يعرف بصفقة القرن بهدف إلغاء صفة اللاجئين.
يبقى كلمة.. عدم تمويل الأونروا سوف يؤدى إلى توقف الدعم بل القضاء على قُبلة الحياة لأهالي غزة في رحلة الهروب الكبير من الموت الذي يلاحقهم بلا توقف في جريمة جديدة تضاف إلى جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في غزة.
أونروا تأسست عام 1949 بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقديم المساعدات والحماية للاجئين الفلسطينيين في خمس مناطق، وهي الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية