تتعرض صفقة الاستثمار المصري الإماراتي في «رأس الحكمة» لهجمة شرسة من راغبي بقاء مصر في دائرة الأزمات الاقتصادية، يتحدثون عن سيادة مصر على أراضيها، فكان الرد أن مصر هي صاحبة السيادة، فهذا المشروع هو للاستثمار في الأصول وليس بيع هذه الأصول.
ولكن من يريدون لهذا البلد الغرق لا يريدون إلا استمرار ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، يريدون ارتفاعا جديدًا وجنونيًا للأسعار، ويرفضون الحديث عن أسباب الأزمات الحقيقية التي تسببت في الأزمة الاقتصادية، فلا يعترفون بأزمة كورونا سببًا، ولا الحرب الروسية الأوكرانية حاجزًا، ولا العدوان على غزة حريقًا، ولا حروب ليبيا والسودان عائقًا!
مصر واجهت خلال السنوات الخمس الماضية مالم تواجهه في تاريخها من اشتعال لحدودها في كل الاتجاهات، ولن تتراجع عن حماية حدودها وبناء اقتصادها وتنمية مستقبلها!
ليس أمامنا حل اقتصادي سوى استغلال الأصول باستثمارها، ونحن لا نملك رأس المال النقدي الكافي لهذا الاستثمار، فكان لابد من البحث عن شريك استراتيجي قريب وحليف لمصر، مثل الإمارات يساهم في تنفيذ مشروعات طويلة الأمد تساهم في تدفقات نقدية مضمونة، ولأن السياحة التقليدية في المنطقة متعثرة بسبب اشتعال البحر الأحمر، كان لابد من البحث عن طريق آخر للتدفق النقدي الأجنبي، يضمن لمصر شراكة مستدامة وتنمية مضمونة العائد، ويضمن أيضًا تحقيق هدف مهم وهو تشغيل الشركات والعمالة المصرية لزمن طويل في وسط اضطرابات اقتصادية عالمية لانعرف متى تنتهى.
من أفضل ما قاله رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن صفقة «رأس الحكمة» الاستثمارية، هو تقديم التحية للشعب المصري الذي تحمل الظروف الاقتصادية الصعبة خلال الفترة الأخيرة، وقال: أشكر الشعب المصري على تحمله الكبير، خلال الفترة الصعبة التي نعاني منها جميعًا.. هذا الشعب أثبت وعيه الكامل وثقته وإيمانه بالقيادة السياسية، وإيمانه أيضًا بأن هذه الدولة لابد أن تستمر ويكتب لها الاستقرار، وبالتالي فهو حريص حرصًا شديدا على استقرار هذه الدولة.
ما قاله رئيس الوزراء يعنى أن الدولة المصرية مُدركة لحجم الصعوبات التي يواجهها الناس خلال معارك المعيشة، وارتفاع الأسعار والتضخم الذي يجعل الاستقرار الاقتصادي بعيد المنال، ويعنى أيضًا أن الاتجاه نحو هذا المشروع الاستثماري الضخم، هدفه الأساسي هو التخفيف عن كاهل المواطن الذي تحمل أقصى ما يمكن تحمله.. تحية لرئيس الوزراء الذي أصاب كبد الحقيقة في كلمته.
سعر الدولار تعرض لانهيار كبير عقب الإعلان عن مشروع رأس الحكمة، الدولار صباح الجمعة الماضية، يوم الإعلان عن الصفقة كان يساوى 62 جنيهًا تقريبًا في السوق الموازية، أستطيع أن أقول لك أن سعره الآن -أثناء كتابة المقال صباح الثلاثاء- بلغ 47 جنيهًا، ومن المتوقع اندفاع أسهمه نحو الانخفاض مع بداية شهر مارس القادم وقبل شهر رمضان إلى مرحلة التساوي مع السعر الرسمي في البنوك.. ورغم ذلك يخرج من يهاجم المشروع حتى لا تعبر مصر هذه المرحلة الصعبة!!
منير فخري عبد النور، وزير السياحة والصناعة الأسبق، قال إن مشروع «رأس الحكمة» عظيم ووصفه بأنه إنفراجة وإنقاذ، كما أنه خطوة أولى على طريق به خير لمصر، في حالة البناء على هذه الصفقة، وقال إن مردود ونتائج هذا الاستثمار على مصر، هو دخول 35 مليار دولار للخزينة المصرية، وتتيح لمصر تسديد الالتزامات الخارجية، وسيساهم في سداد الدين الخارجي وفوائده.. معروف عن منير فخري عبد النور أنه لا يجامل، ومعروف عنه خبرته الاقتصادية الكبيرة، ولا تخرج من فمه كلمة واحدة دون تدقيق.
الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، قال إن مشروع رأس الحكمة، عبارة عن طاقة نور وسط النفق المظلم، مشيرًا إلى أن رأس الحكمة مشروع تنموي عمراني في كل القطاعات، ويساهم في استغلال الساحل الشمالي بالشكل الأمثل، بدلًا من تحوله إلى استثمارات مهدرة.
بالمناسبة الدكتور فخري الفقي واحد من أهم الخبراء في مجال المالية العامة والسياسات المالية في العالم وليس مصر فحسب، وقد عاهدته خلال عضويته في حزب الوفد قبل سنوات، رجلًا دقيقًا لا يجامل ولذلك فإنني أثق فيما يقول.
رأس الحكمة مشروع عظيم.. سوف يساهم في التدفق النقدي الأجنبي.. ونتمنى تكراره في أماكن أخرى من ربوع وصحراء مصر الشاسعة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية