دعاني الكاتب الصحفي الكبير المتخصص في الشئون الفنية والتأريخ لمسيرة اهل الفن الاستاذ طاهر البهي الى حضور مسرحية لابنته على مسرح جامعة القاهرة بالمدينة الجامعية للبنين ببين السرايات.
وحدثتني نفسي انها فرصة لاسترجع الة الزمن واعيد شريط ذكريات مرت عليها عجلات الزمن قرابة الاربعة عقود ورغم انني لم اقابل الرجل في حياتي وانما هي صداقة ومتابعة عبر الفيس بوك فبيننا اهتمام مشترك بفن الزمن الجميل.
ووصلت الى حي بين السرايات والذي تغير تماما واصبح يعج بالمطاعم العصرية والكافيهات الافرنجية واختفت قدرة الفول وطاسة الطعمية والمكتبات التي كانت تستخدم الالة الكاتبة باخرى بها احدث اجهزة الكمبيوتر والات التصوير الرقمية وبحثت عن عم حسين الترزي فلم اجد له اثر ولاحتى عم سيد الفطاطري الذي كتب اسمه على جهازنا الهضمي بحروف من ذهب طوال الدراسة وحتى سنة الامتياز التي قضيتها على مقربة من الحي في مستشفى بولاق الدكرور والتي كانت وقتها افضل مستشفيات وزارة الصحة.
ودلفت الى المدينة الجامعية والتي تزاحمت في مدخلها المباني والتي لم تكن موجودة بالمرة الى ان وصلت الى المسرح وهو خلف المطعم الرئيسي الذي قضينا فيه وطرا وصعدت السلالم التي احزنني عدم نظافتها و التي ترتفع كثيرا حتى تصل الى المسرح وقبل الدخول الى اليمين كافتيرا تحس وترى فيها كل البيروقراطية الحكومية ..اما المسرح فالصهد يخرج من ابوابه حيث المكيف الذي ينفث الهواء الساخن في مدخله عكس كل قواعد الهندسة.
ووجدت المسرح عن اخره فارسلت رسالة لمضيفي قبل ان انصرف وخاصة اني تأخرت عن بداية العرض دقائق فرد عليا سريعا ان مكانك محفوظ في المقدمة فعدت ودخلت وبرغم تشغيل المراوح الا ان المكان ساخن .
ولكن حلاوة العرض انستني سخونة الهواء وجمال الاداء وتفاعل الجمهور اضفيا على الوقت سرعة ولاشك ان العرض كان اكثر من رائع وبرغم الامكانات البسيطة فقد قدمت الفرقة عرضا يستحق ان يقال عنه متميزا ومحترفا فاستمتعت بكل اداء الممثلين وكان كل منهم بطلا.
واستعدت ثقتي مرة اخرى بمستقبل الفن بمصرنا الحبيبة..فاذا كان هذا مسرح الجامعة الان فنحن في مرحلة عودة الروح والتعافي مما اصاب الجامعة في زمن التعصب والجماعات التي سيطرت عليها في اواخر ايام تخرجنا…هاهي تعود وتولد اجيالا يكتبون تاريخا جديدا واعدا .
احسست بالزهو والفخر معا وانا اسمع المذيع الداخلي بعد اسدال الستار عن القصة الجميلة والاداء الاروع..ان هذه فرقة التمثيل بكلية الطب البشري…اذن عادت مصر…فقد كانت هناك فرقة تمثيل وفرقة غناء يقودها الطالب سيد سلام “وهو ليس من اقاربي ولكن تشابه اسماء” في القصر العيني وفريق تنس وكرة قدم وسلة وطائرة حين دخلت القصر العيني ولكن الجماعات المتشددة التي غزت الجامعة لاحقا ونحن على مشارف التخرج كانت تلاحق كل هذا وتحاربه بعد ان سيطروا على الاتحادات الطلابية.
واخذني الفضول فالتقطت بكاميرا الموبايل صورة للفرقة …ثم عرفني مضيفي على ابنته” شروق”وهي اسم على مسمى.. والتي اتضح انها بطلة الفرقة وانها تخرجت وبدأت سنة الامتياز وان كانت ملامحها الطفولية تشي بأنها مازالت طالبة في ثانوي…وطلبت منها صورة تذكارية معا ووالدها فلربما تصبحين يوما نجمة مصر الاولى وتنسي هذا اللقاء…واظن انها لم تسمعني في غمرة فرحتها بالاحتفاء بها وبالفرقة من الجمهور والذي كان اغلبه من الطلبة…وبرغم العرق الذي كان يتصبب من فرط المجهود الذي بذله اعضاء الفرقة..الا انهم كانوا في قمةالسعادة بتفاعل الجمهور.
هكذا ياسادة تتقدم الامم فعلموا اولادكم الفنون ثم اغلقوا السجون واظن قائلها او افلاطون..فالفن بشتى انواعه.. الرسم والنحت والموسيقى والغناء والتمثيل تسموا بالروح الى حد الشفافية وتنقي النفس الى حد نبذ الحقد والضغينة…فينتشر الحب على حوائط الحياة ويزيل سواد القلوب ويرسم لوحات ربيع دائم على طرق السفر ويجعل الربيع عاما …فلا فصول… وتذوب الغيوم فترسل قطرات الندى لتزهر شجيرات الود وباقات الزهور …الفن يرقى بالامم ولكن ليس اي فن ..عندما يكون معبرا عن الواقع وحالما بمستقبل يستشرف ارهاصات الغد المشرق..ويرسم ولو حتى في الخيال امال وطموحات الشعوب…هكذا كانت مسرحية “روح الصورة” والتي تدور معظم احداثها على قهوة النجوم وشباك السينما وكازينو دلال التي اعتزلها الفن وهي لم تعتزل….اتمنى ان تكون :عودة الروح” وليس “حلاوة روح”
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية