اقتربت من رؤساء وزراء مصر منذ حكومة المرحوم الدكتور الجنزوري الأولى عام 96 مرورا بحكومة المرحوم الدكتور عاطف عبيد ثم الدكتور نظيف ثم حكومة الدكتور الجنزوري الثانية في أعقاب الثورة.
على مدار 17 عاما عاصرت أحداثا ووقائع وأزمات كثيره ومن أبرز ما توقفت عنده خلال هذه الرحلة كانت ثقافة الاستقالة والاعتذار لم يعرف المسؤول المصري – أي مسؤول – بدءا من رئيس الوزراء ومرورًا بالوزراء المحافظين وانتهاء بكبار المسئولين ثقافة الاعتذار.. لم نكن نسمع عن هذه الثقافة ولا عن هذه العبارة إلا في بعض حالات الكوارث مثل حوادث القطارات التي راح ضحيتها أعداد كبيره من المواطنين.
وحتى في هذه الحالات لا تكون الاستقالة نابعه من المسؤول نفسه ولكن تأتي نتيجة لتعليمات من القيادة السياسية فهي تبدو في ظاهرها استقالة لكنها في حقيقة الأمر إقالة.. وأذكر أن الدكتور نظيف كان أكثر رؤساء الوزراء عنادا ورفضا لأي اعتذار مهما كان الأمر.. الاعتذار عنده كان يعني الضعف والهزيمة.
ربما يرجع هذا السلوك أو هذه القناعة المتأصلة في المسئولين إلى تصور خاطئ وفهم مغلوط حيث يعتقد المسئول أن الاعتذار هو بمثابة اعتراف بالفشل وعلى المسؤول أن يتمسك بموقفه حتى النهاية مهما كانت النتيجة حتى يظهر بمظهر القوى الشجاع.. وفي اعتقادي أن هذا يرجع إلى ضعف الخبرة وغياب الحس السياسي والممارسة السياسية التي يكتسب فيها المسؤول الخبرة التي تؤهله للقيادة.
ولأننا تعودنا على هذه الثقافة أو هذا السلوك وأصبح أمرا عاديا فإن ما فعله الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مع طبيبة سوهاج هو أمر يعد الأول من نوعه.. اعتذار رئيس الوزراء لطبيبة سوهاج بعد تعرضها لموقف مهين من جانب محافظ الإقليم هو أمر جديد علينا.
والأهم من ذلك أن الاعتذار شخصي لمواطنه بشخصها.. هذا الاعتذار يمثل تحولا كبيرا في السلوك والأداء ويرسخ لسياسة جديده تحترم آدمية المواطن.. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فقد كنت أتمنى أن يخرج علينا رئيس الوزراء أو وزير التنمية المحلية بعبارة يطيب بها خاطر سيدة الدقهلية التي اقتحم المحافظ منزلها من أجل مصادرة 3 أكياس خبز.. هذه السيدة لم ترتكب جريمة ولم تخرق النظام ولكنها الحاجة التي دفعتها لتأخذ كيس خبز زيادة.. إن الاعتذار لهذه السيدة هو نوع من جبر الخواطر.
وعلى الجانب الآخر وبعيدا عن ثقافة الاعتذار فإن الواجب يقتضي توجيه التحية لمحافظ أسيوط على ما فعله مع بائعة النعناع.. هذا المحافظ ذكي وننتظر منه المزيد مثلما ننتظر من رئيس الوزراء ترسيخ ثقافة الاعتذار التي غابت كثيرا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية