هل تغيرت قواعد الحرب في المنطقة؟ ما حدث في لبنان أمس الثلاثاء، من تفجيرات متتالية ومتوازية في آن واحد لأجهزة البيجر التي يستخدمها أعضاء من حزب الله، أثار العديد من التساؤلات، وفتح باب التكهنات حول الحادث المفاجئ، وكيفية تفخيخ هذه الأجهزة، والأهم من ذلك مصدرها بعدما راح ضحيتها 9 شهداء وما يقرب من 3000 مصاب حتى كتابة هذه السطور.
البيجر جهاز مخصص لاستقبال الرسائل النصية القصيرة والإشارات وانتشر في السبعينيات قبل ظهور الهواتف المحمولة، وكان يستخدم في المجال الطبي والعسكري، والسبب وراء استخدامه حاليا هو الهروب من الاختراقات والتتبع والهجوم السيبراني على أجهزة الاتصالات الحديثة، ويستخدمها حزب الله حلقة تواصل بين القيادات والأعضاء للاجتماعات والتكليفات.
الانفجار المفاجئ والمتزامن لهذه الأجهزة كارثة كبيرة أصابت مستخدميها في مقتل وحققت الأهداف المرجوة وتناثرت الدماء والأعضاء البشرية في الأسواق والمنازل والمحلات في أكبر استهداف لحزب الله، وما زال أعداد الشهداء والمصابين مرشحين للارتفاع.
الجريمة نفذت بدون استخدام وسائل الحرب الحديثة وبدون طلقة واحدة، لكن كيف حدث ذلك؟ والأهم من يقف خلف هذه الجريمة؟
أجهزة البيجر تعمل على شبكة اتصالات قديمة غير متطورة وتعتمد على بطاريات ليثيوم التي تحدث أثارا تدميرية عند انفجارها.. وقد تمت عملية هجوم سيبراني على الشبكة كما قيل عبر تكثيف الترددات التي تصل الجهاز بشكل مضاعف يؤدي إلى سخونة البطارية بشكل كبير وانفجارها.
حزب الله كان قد استورد منذ خمسة أشهر تقريبا شحنة كبيرة من جهاز البيجر من الخارج، وفقا لبعض الأخبار المتداولة، بعد تعميم الحزب على أعضائه عدم استخدام أجهزة الاتصال الحديثة، وقد تم توزيع هذه الأجهزة على الأعضاء الأمر الذي يثير الشكوك حول الشحنة واحتمالية تفخيخها أو ربطها بسيستم تحكم معين يستطيع تفجيرها أو إرسال إشارات معينة تتمكن في التحكم فيها عن بعد.
الحقيقة العلمية أن أجهزة البيجر لم يسجل بسببها حوادث مماثلة منذ استخدامها حتى الانفجار الأخير والذي يعد الأول من نوعه، وهذا التحول الخطير والمتزامن يعني أنه تم التلاعب بها بصورة أو بأخرى، قبل وصولها إلى حزب الله.
الأمر الأهم أن الانفجار وقع في أماكن متفرقة مما يتنافى مع فكرة القرصنة التقليديه التي تستهدف جهاز معين في مكان محدد يستخدمه شخص بعينه مما يرجح أن تكون تمت عبر الأقمار الصناعية.
جميع أعضاء حزب الله يحملون جهاز البيجر وكل من يستخدم هذا النوع الجديد تعرض للانفجار، أما الذين يستخدمون أنواعا أخرى أو غير المدرجة ضمن الشحنة الأخيرة فقد نجوا من الموت أو الإصابة وفروا من تكنولوجيا المراقبة المتطورة للعدو الصهيوني.
باختصار.. الجريمة البشعة التي نفذتها إسرائيل بتفجير أجهزة البيجر سواء تم تفخيخها بوضع عبوات ناسفة بداخلها أو التلاعب بها عن طريق البرمجيات الخبيثة قبل وصولها إلى حزب الله ترتقي إلى جريمة الحرب، وتعيق جهود التسوية في المنطقة، وتؤدي إلى تأجيج المعارك.
ويبقى التساؤل المهم المفروض أن أي أجهزة يتم استيرادها من الخارج تفحص بدقة متناهية للتأكد من صلاحيتها خاصة إذا كان سيتم استخدامها في أماكن عسكرية أو عبر أفراد مستهدفون من قبل عدو لا يرحم ويفعل المستحيل لتحقيق أهدافه الاستعمارية.
وأخيرا لماذا لم يعلن حزب الله حتى الآن عن الدولة التي تم استيراد شحنة البيجر من خلالها؟ هل هي دولة حليفة للحزب وتم اختراقها؟ أو دولة أخرى أم أن هذه الشحنة التي تقف خلفها إسرائيل قد تمكنت من الدفع بها عبر الضفة الغربية إلى جنوب لبنان في صفقه بين أحد المستوطنين وحزب الله أسوة بما يحدث في غزة عبر تهريب الأسلحة.
عموما أيا كان مصدر صفقة البيجر المفخخة فقد تغيرت قواعد الحرب وسوف يكون الحادث الأخير انتقالا لمرحلة نوعية جديدة من الحروب في المنطقة المشتعلة، كما أنه يهزم الروح القتالية لحزب الله استعدادا لهجوم إسرائيلي شامل على لبنان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية