التطرف الديني كان ولا يزال خطر يُهدد الأوطان، وهو قضية قديمة جديدة وستظل إلى الأبد، لأن الدين علميًا وعمليًا أداة من أدوات الضبط الاجتماعي، إضافة إلى القانون، والعرف، والتقاليد.
فالدين في مُجتمعاتنا له اهميه كبير، بحكم أننا مُجتمعات مُحافظة، والتطرف بدأ مُنذ عصر الخوارج، الذين خرجوا على الإمام علي رضى الله عنه وقتلوه، وكان الهدف من كل ماحدث كما يؤكد علماء التاريخ هدفا سياسيا فيلتحف بلحاف الدين.
لم يكن الأمر أبدا لنصرة الدين، فقد كان المُتحاربون جميعهم مُسلمين، سواء جماعة الإمام علي، وهم من أُطلق عليهم بعد ذلك «الخوارج» أو جماعة مُعاوية، ولكن القتال كان من أجل السياسة، ومن أجل التعصب، والغريب أن الخوارج كفروا الخلفاء، مُنذ القرن الرابع، وقد تم توارث هذا الفكر الأعوج، وأصبح له مُنظرين عبر العصور، مثل أبو الأعلى المودودي، وسيد قطب، وغيرهم، حتى وصلنا إلى تنظيمات القاعدة وداعش، وبوكو حرام، وغيرها، فامتدت الشجرة وستظل مُمتدة، فلم يتم قطعها من جذورها، وإنما تم قطع الغصون فقط.فموت احد المتطرفين او سجنه هو قطع الغصون. أنا الشجره فلم تجتز بعد. فالأفكار مازالت تتدوال.
والغريب أن المُتطرفين ينشقون على أنفسهم إلى جماعات مُتناحرة، وكل منها تسمي نفسها الفرقة «الناجية من النار»، ومن أهم مبادئهم الأساسية، التي يغرسونها في عقول من يقع فى براثنهم:
المبدأ الأول: تكفير الحُكام لأنهم لا يحكمون طبقًا للإسلام.
المبدأ الثاني: هو التشكيك في رجال الدين لأنهم رجال السلطان أو السُلطة، وعدم الأخذ بكلامهم أو فتواهم.
المبدأ الثا لث: لهولاء المتطرفين هو أن الكُفار واليهود، أقل ضررًا علي الإسلام من المُسلمين أنفسهم، لذللك يجب قتال المُجتمعات المُسلمة، واستحلال دماءها وممتلكاتها، لأنها مُجتمعات الإسلام الشكلي فقط،
المبدأ الرابع: إن المتطرفين يعتبرون الدين سيف، وطيارة، ودبابة، فالقتل والذبح حلا ل لنشر الحُكم الإسلامي.
المبدأ الخامس: ليس من الأهمية بمكان أن يكون الخليفه أو الحاكم عربيًا أو قُريشيًا بل أي جنسية، فالدين يجُب الوطن.
المبدأ السادس: مبدأ «التقية»، وهو مبدأ نقلوه من الشيعة، ويعني الكذب من أجل الوصول للأهداف.
هذه المبادئ الحاكمه للفكر المتطرف مع زيادات أخرى واجتهادات أخرى لكل جماعة.
أما عن أساليب اصطيادهم، للشباب لينضموا إليهم فهى عديدة، لكنها قائمة على الاختيار بُناءً على مجموعة من السمات منها:
اختيار الشباب المُحب للمُغامرة، الذي يشعر بالاضطهاد لنفسه أو لأهله، الشباب الذي تتملكه مشاعر الاحباط، إضافة لعوامل الفقر، والحالة الاقتصادية، ورغم ذلك نجد كثيرًا أبناء الطبقة الوسطى وحتى الغنية ضحايا لهذه الجماعات، مثلًا بن لادن، والظواهري، من أوساط ميسورة الحال، وأبو عود في بلجيكا، الذي كان والده من أغنى الأغنياء، وغيرهم من الذين سقطوا في براثن التجنيد من أمراء التطرف، كما يستهدف هؤلاء، الشباب الذي يُعاني إحباطًا عاطفيًا، وخصوصًا الفتيات.
وتعددت سُبل التجنيد عبر العصور، حتى وصلنا الآن لعصر «السوشيال ميديا»، فأصبح الأمر سهلًا، وأصبح الشباب وقودًا رخيصًا لأمراء التطرف، وبمُجرد الوقوع يتم تقسيم الشباب طبقًا للمهارات الشخصية، والجسدية، والعقلية، فمنهم من يُجند من أجل التجسس، وجمع المعلومات، والرصد، ومنهم من يصنع القنابل يدويًا، ومنهم أعضاء وقيادات للجان الإلكترونية، منهم من يصلح للقتال، ومنهم من يصلح لتفجير نفسه بعد غسل أدمغتهم تمامًا، وإقناعهم بفكرة الولاء المُطلق للأمير والجماعة.
كيف نحمي أبنائنا من التطرف؟!
يؤكد العلماء، أن الحماية تأتي بالأساس من مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وأولها الأسرة، من خلال الحوار مع الأبناء، ومعرفة أصدقاءهم عن قرب، ومُلاحظة أي سلوك غريب يطرأ على الأبناء، والحرص على إشباعهم بتعاليم الدين الوسطي الصحيح.
ثاني المؤسسات، هو المدرسة، وكافة المؤسسات التعليمية، من خلال وضع مُقررات التربية المدنية، وغرس مفاهيم الأمن الفكري، وتحصين الأفكار من أي مفاهيم مغلوطة سياسية أو دينية أو غيرها، ومناهج التربية الدينية، وتدريس التفكير النقدي، من خلال مادة الفلسفة وعلم الاجتماع، وغيرها، والأنشطة المدرسية من زراعة، وموسيقى، ومسرح، وإذاعة مدرسية، ورحلات، وغيرها..، وإقامة ندوات يُستضاف خلالها، قادة عسكريون، وشخصيات مرموقة مشهود لها بالوطنية والانتماء.
ثالثًا، الدراما، وحسنًا فعلت الشركة المُتحدة للخدمات الإعلامية، بتقديمها أعمال درامية تكشف هذه الظاهرة وخطورتها، مثل «القاهرة ـ كابول»، و«الاختيار»، و«هجمة مُرتدة»، وغيرها..
رابعًا الإعلام، من خلال المواقع الإلكترونية، والندوات التنويرية، ونشر مقالات التوعية.
خامسًا الخطاب الديني المُعاصر، والاهتمام بجهود مرصد الأزهر لمُكافحة التطرف، ودور قناة «الناس»، بما تقدمه من محتوى ديني، تنويري، وسطي، مُعتدل.
سادسًا الأحزاب السياسية، من خلال عقد الندوات والمؤتمرات التثقيفية المُختلفة.
سابعًا وزارة الشباب، بما تقوم به من تشييد لمراكز شبابية، وملاعب مُتاحة للجميع، وعقد ندوات تثقيفية بشرط، الاستعانة بالمُتخصصين والخُبراء.
ثامنًا وزارة الثقافة، وعليها عبأ كبير، والتفكير خارج الصندوق، والاستعانة في أعمالها بلجان خاصة لمُكافحة التطرف.
الجهود مُتشابكة، ولابد من التعاون الجماعي لحماية الوطن من خطر التطرف.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية