تشهد العلاقات الدولية بين الولايات المتحدة وروسيا تحركات مثيرة للتساؤلات، حيث تبرز بوادر تفاهمات قد يكون لها انعكاسات مباشرة على ملفات ساخنة مثل سوريا وأوكرانيا.
بينما يتصارع الطرفان في العلن على العديد من القضايا، تبرز في الكواليس احتمالات لتفاهمات مرحلية تعكس تقاطع مصالحهما في هذه المناطق الحيوية.
في سوريا، يبدو أن كلا الطرفين يحاول إعادة ترتيب أولوياته، الولايات المتحدة، المنهمكة بدعم حلفائها الأكراد شمال شرق سوريا، تضع على رأس أولوياتها منع عودة تنظيم «داعش» واحتواء النفوذ الإيراني.
في المقابل، تُركز روسيا على الحفاظ على النظام السوري كحليف استراتيجي، مع تعزيز وجودها العسكري والاقتصادي في المنطقة.
تشير بعض التقارير إلى أن هناك تنسيقاً ضمنياً بين موسكو وواشنطن لضمان استقرار الأوضاع في سوريا دون تصعيد غير ضروري.
مثلاً، تقبل الولايات المتحدة بوجود روسي قوي في الساحل السوري مقابل تحجيم دور إيران نسبيًا، وهو ما يخدم الأهداف الأمريكية طويلة المدى.
في أوكرانيا، تتباين الأولويات فالولايات المتحدة تقود الدعم الغربي لكييف، سياسيًا وعسكريًا، لإضعاف موسكو على المدى الطويل.
ومع ذلك، يبدو أن هناك رغبة أمريكية في الحفاظ على خطوط تواصل مفتوحة مع الكرملين، ربما للحيلولة دون تصعيد أكبر قد يؤثر على استقرار أوروبا.
روسيا، التي تجد نفسها في حرب استنزاف مع الغرب، تبحث عن مخارج تُقلل من خسائرها دون أن تضعف موقفها الاستراتيجي.
قد يكون هناك تفاهم ضمني بين الطرفين يتيح لروسيا تثبيت مكاسبها في بعض المناطق الشرقية لأوكرانيا، مقابل تقليص التصعيد المباشر أو التوجه نحو مفاوضات لاحقة.
رغم التناقضات الواضحة، يدرك الطرفان أهمية الحفاظ على نوع من «التوازن المحسوب»، فموسكو وواشنطن ليستا في وضع يسمح لهما بتوسيع الصراعات دون كلفة باهظة.
هذا التفاهم الضمني لا يعني صداقة، بل هو أشبه بـ«هدنة باردة» تمليها الضرورات الجيوسياسية والاقتصادية.
في ظل هذه التفاهمات المحتملة، تجد سوريا وأوكرانيا أصحاب الشأن في موقف حرج، فمصيرهما يُرسم بعيدًا عن طاولة المفاوضات الوطنية، ما يعزز شعور الشعوب بالخذلان.
إذا استمر هذا النهج، ستظل هذه الدول ضحية لتوازنات القوى الكبرى، حيث لا صوت لها سوى على الهامش.
التحدي الأكبر يكمن في كيفية استفادة دمشق وكييف من هذه الديناميكيات لتحقيق مصالح شعبيهما، بدلاً من أن تكون مجرد أوراق في لعبة الكبار.
باختصار.. يبقى السؤال: هل يمكن لهذه التفاهمات بين موسكو وواشنطن أن تحقق استقراراً حقيقياً؟ أم أنها مجرد ترتيبات مؤقتة تحمل في طياتها بذور صراعات أكبر؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة، ولا يجب أن ننسى أطماع إسرائيل وتركيا وإيران ..سوريا الأن على موائد اللئام .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية