منذ اندلاع الأزمة السورية، تكشّفت تحالفات خفية وعلاقات مشبوهة بين أطراف متباينة ظاهريًا، يجمعها هدف واحد وهو تفتيت سوريا وتدمير بنيتها الوطنية.
على رأس هذه الأطراف، أبو محمد الجولاني، زعيم تنظيم «هيئة تحرير الشام»، والذي يُعدّ أحد أبرز الوجوه الداعشية التي سعت لتدمير النسيج السوري، متحالفًا، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مع الكيان الصهيوني.
القراءة المتأنية لما حدث في سوريا مؤخراً، يكشف حقيقة دعم التدخلات الخارجية للجماعات المسلحة وعلى رأسها إسرائيل التي تتوسع في احتلال الأراضي السورية حتى باتت على أبواب دمشق وكأنها في نزهة.. لم يكن النظام السوري بهذه الهشاشة، ولم تكن المعارضة المسلحة بتلك القوة، وكلمة السر تل أبيب.
حتى لا ننسى.. بدأ الجولاني مسيرته كأحد قادة «القاعدة»، قبل أن يتحول إلى زعيم لما يُسمى «هيئة تحرير الشام»، التي ادّعت الانفصال عن «داعش» لكنها حافظت على نفس الأيديولوجيا.
هذا التحول لم يكن إلا محاولة لإعادة التموضع سياسيًا واستغلال الصراع السوري لتحقيق مصالح شخصية وأيديولوجية تخدم أجندات إقليمية ودولية.
الجولاني وتنظيمه لم يكونوا يومًا جزءًا من المشروع الوطني السوري، بل كانوا أداة لفرض أجندات خارجية، تعتمد على العنف والإرهاب لتفكيك الدولة.
أفعالهم على الأرض، من قمع وقتل وتشريد، لم تخدم إلا أعداء سوريا، وفي مقدمتهم إسرائيل، التي استفادت من حالة الفوضى لترسيخ احتلالها للجولان السوري.
منذ سنوات، ظهرت تقارير متعددة تشير إلى دعم إسرائيلي مباشر وغير مباشر لبعض الفصائل المسلحة في سوريا، بما في ذلك الجماعات الإرهابية ومنها «هيئة تحرير الشام».
الدعم جاء بأشكال مختلفة، منها المساعدات الطبية للمصابين في صفوف الإرهابيين الذين نُقلوا إلى المستشفيات الإسرائيلية، وكذلك تغاضٍ عن تحركاتهم في المناطق الحدودية.
إسرائيل، التي رأت في الحرب السورية فرصة لإضعاف خصمها التاريخي، استغلت وجود الجماعات الإرهابية لتحقيق مصالحها.
تصرفات الجولاني وتنظيمه صبت في مصلحة الكيان الصهيوني، حيث أضعفت الدولة السورية وشغلت جيشها عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
التحالف غير المعلن بين الجولاني والصهاينة يكشف أن الإرهاب والتطرف غالبًا ما يكونان أدوات بيد قوى أكبر.
الهدف لم يكن تحرير سوريا أو تحقيق العدالة، بل تمزيقها إلى دويلات متناحرة، منهكة اقتصاديًا واجتماعيًا، وغير قادرة على لعب دور إقليمي فاعل.
باختصار.. في ظل هذه المعطيات، يصبح من الضروري أن تدرك الشعوب العربية والشعب السوري خاصةً أن الحرب لم تكن يومًا حربًا داخلية فقط، بل كانت جزءًا من مشروع خارجي يستهدف الكيان السوري ككل.
الوعي وحده والالتفاف حول المشروع الوطني يمكن أن يكون السبيل لإفشال هذه المخططات، وإنقاذ سوريا من براثن المتآمرين، سواء كانوا إرهابيين أو صهاينة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية