أسفر اجتماع تم اليوم في سوريا بين أحمد الشرع «محمد الجولاني»، مع قادة الفصائل الثورية في البلاد، عن دمجها تحت مظلة وزارة الدفاع بهدف توحيد الجهود وتعزيز الأمن والاستقرار.
يشهد الملف السوري تطورات جديدة تثير التساؤلات حول مستقبل المؤسسة العسكرية في البلاد، بعد دمج الفصائل المسلحة ضمن وزارة الدفاع السورية.
هذا المقترح يثير قضايا معقدة حول مدى إمكانية تحقيق الاستقرار والتوازن بين مكونات عسكرية متعددة الأطياف والولاءات.
تشكلت الفصائل السورية نتيجة الصراع الذي اندلع منذ عام 2011، حيث نشأت كأذرع محلية لمقاومة النظام أو للدفاع عن مناطق معينة.
ومع مرور السنوات، تطورت هذه الفصائل لتصبح قوة قائمة بذاتها، بعضها مدعوم من قوى إقليمية ودولية، وبعضها يعمل وفق أجندات محلية.
اليوم، يمتلك العديد من هذه الفصائل هيكليات عسكرية وتنظيمية قد تفوق في بعض الأحيان الوحدات النظامية من حيث القدرة القتالية والانتشار الميداني.
ومع ذلك، يظل ولاؤها السياسي والعسكري محل تساؤل، ما يثير القلق حول دورها المستقبلي ضمن مؤسسة الدولة.
ويبقى دمج الفصائل بين الفرص والتحديات، فالأمر إذا كان له جوانب إيجابية فهناك الكثير من التحديات التي تحكم مستقبل البلاد خلال الأيام المقبلة، وبالتالي يكون له تأثيره المباشر على منطقة الشرق الأوسط.
* الفرص:
تعزيز الاستقرار الأمني: دمج الفصائل في الجيش النظامي قد يساهم في تقليل الصراعات الداخلية بين مختلف الأطراف المسلحة.
إعادة بناء الثقة: قد يكون الدمج خطوة إيجابية نحو تحقيق مصالحة وطنية شاملة، تعكس توافقاً بين جميع الأطراف.
تقليل التدخلات الخارجية: إذا نجح الدمج، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل نفوذ القوى الخارجية التي تستخدم الفصائل كأدوات لتحقيق مصالحها.
* التحديات:
اختلاف العقيدة العسكرية: الجيش النظامي يمتلك عقيدة قتالية وسياسية مختلفة عن معظم الفصائل التي تأسست في سياق ثوري.
صعوبة التوحيد: تنوع الأجندات والولاءات بين الفصائل قد يجعل من الصعب دمجها في هيكل واحد يعمل بتناغم.
إضعاف مؤسسات الدولة: إذا لم يتم الدمج بطريقة مدروسة، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف وزارة الدفاع نفسها وتحويلها إلى ساحة للصراعات الداخلية.
هناك تجارب دولية مشابهة لدمج فصائل مسلحة في جيوش وطنية، مثل جنوب السودان والعراق.
في بعض الحالات، أدى ذلك إلى نجاح نسبي في استيعاب القوى المسلحة، لكنه في حالات أخرى تسبب في تصاعد الانقسامات الداخلية والصراعات على السلطة.
الدمج الناجح في مثل هذه الحالات لابد أن يتم وفق آليات وخطوات محددة تؤتي بثمارها في مصلحة البلاد، وليس في مصلحة الأفراد والجماعات المسلحة، وذلك عبر الخطوات التالية:
صياغة اتفاق شامل: يتضمن تحديد أدوار واضحة لكل طرف وضمان التزام جميع الفصائل بالتخلي عن ولاءاتها السابقة لصالح الدولة.
إعادة التأهيل والتدريب: توفير برامج تدريبية لتوحيد العقيدة العسكرية وتأهيل العناصر المدمجة وفق معايير وطنية.
آليات مراقبة دولية: لضمان تنفيذ الاتفاق ومنع أي تجاوزات قد تؤدي إلى انهيار العملية.
باختصار.. دمج الفصائل السورية في وزارة الدفاع ليس فقط خطوة نحو توحيد القوى العسكرية، بل هو اختبار حقيقي لقدرة سوريا على بناء دولة حديثة قائمة على المؤسسات والقانون.
النجاح في هذه العملية يتطلب إرادة سياسية قوية، وضمانات دولية، ورؤية وطنية شاملة، وإلا، فإن أي إخفاق قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات وتعزيز حالة الفوضى، في ظل ما تتعرض له البلاد من توغل إسرائيلي، وفرض الهيمنة لقوى أجنبية متعددة تحمل أجندات خاصة وتدين لها بعض الفصائل بالولاء.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية