في قلب مصر، حيث تتشابك الأرواح والقلوب في نسيج واحد من المحبة والود، تتجلى أعظم صور الوحدة الوطنية في عيد الميلاد المجيد.
مشهد اعتاد عليه المصريون عبر الأجيال؛ مسلمون ومسيحيون يشاركون بعضهم الأفراح، ويعيشون لحظات من الألفة التي لا يعرفها سوى من تربى على هذه الأرض الطيبة.
مع دقات أجراس الكنائس وإضاءات الشموع، تبدأ فرحة عيد الميلاد، فتزدان شوارع مصر بمظاهر البهجة. الزينة الملونة، أشجار الميلاد، وأصوات الترانيم تصدح في الكنائس والمساجد، في مشهد يعبر عن روح التآخي والمحبة.
المصريون المسلمون، يحتفلون مع إخوانهم المسيحيين. ترى الجيران يتبادلون التهاني، الأصدقاء يزورون بعضهم البعض، والمسؤولين يحرصون على مشاركة المسيحيين في صلواتهم واحتفالاتهم.
رغم اختلاف العقائد، يجتمع المصريون على قيم سامية توحدهم: المحبة، التسامح، والعيش المشترك.. لا فرق بين مسلم ومسيحي حين يتعلق الأمر بالفرح والحزن، هذه الروح الفريدة هي ما تجعل مصر عظيمة وشامخة في وجه كل التحديات.
الفرحة ليست فقط في المظاهر، لكنها شعور صادق ينبع من القلوب. أطفال يلهون معًا، شباب يتشاركون الضحكات، وكبار يروون حكايات الزمن الجميل. كل هذا يعبر عن حقيقة مصر التي لا تعرف التفرقة ولا الكراهية.
لم تكن مشاركة المصريين المسلمين لأشقائهم المسيحيين في أعياد الميلاد أمرًا مستحدثًا، بل هو تقليد عريق توارثته الأجيال. من أيام مصر الفرعونية وحتى يومنا هذا، ظلت الأعياد والمناسبات الدينية فرصة لتأكيد أن مصر واحدة بشعبها.
هذا الترابط تجسد في العديد من المناسبات، حيث لا تفرق المواسم أو العقائد بين القلوب المتآلفة.
في كل عيد ميلاد مجيد، يحرص رؤساء الدولة والقادة السياسيون على إرسال برقيات تهنئة للأقباط، مشددين على أن مصر وطن لجميع أبنائها. وعلى الجانب الآخر، يرد قادة الكنائس برسائل امتنان، معبرين عن فخرهم بمشاركة إخوتهم المسلمين في الأفراح. هذه الرسائل ليست مجرد كلمات، بل هي دليل على وحدة عميقة في مواجهة أي محاولة لتفريق الصف.
في مصر، الأعياد ليست حكرًا على ديانة أو فئة، عيد الميلاد المجيد، مثل عيد الفطر وعيد الأضحى، اعيادنا حائط الصد المنيع، تصبح مناسبة يفرح بها الجميع. المحلات تقدم خصومات العيد، والشوارع تمتلئ بالزينة، والإعلام يحتفي بالمناسبة، ليشعر كل مواطن أن هذا العيد هو عيده.
في وقت يعاني فيه العالم من الانقسامات، ترسل مصر رسائل واضحة بأن التعايش ممكن، وأن اختلاف العقائد لا يعني اختلاف القلوب. الصورة التي تصنعها مصر كل عيد ميلاد مجيد هي شهادة على أن الوحدة هي قوة مصر الحقيقية.
مع كل عام جديد، يعبر المصريون عن أملهم في أن تظل هذه الروح الجميلة مستمرة. فالفرحة التي يعيشها المصريون في أعيادهم ليست فقط انعكاسًا لوحدتهم، بل هي رسالة بأن الأمل دائمًا أكبر من أي تحدٍ.
باختصار.. عيد الميلاد المجيد في مصر ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو احتفال بالإنسانية والمحبة.
المسلمون والمسيحيون يجتمعون ليجعلوا من مصر نموذجًا فريدًا للوحدة الوطنية.
في كل عام، ومع كل عيد، نردد جميعًا: يا رب كتر أعيادنا، واحفظ لنا مصرنا الحبيبة، ويجعلون من الفرح سلاحًا ضد الأحزان، ومن الحب حصنًا ضد الكراهية.
هكذا تبقى مصر، قلبًا نابضًا بالمحبة، وطنًا يحتضن الجميع، وأرضًا تصدح دائمًا بأجمل ترانيم الفرح.. كل عام وأشقائي المسيحيين بخير ولتنعم بلادنا بسيمفونية المحبة والسلام.
samyalez@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا