برزت مؤشرات خطيرة على محاولة النظام السوري الجديد تأمين موطئ قدم لفصائل متطرفة داخل مناطقه، مما يهدد بزعزعة الاستقرار الإقليمي واستنساخ التجربة السورية التي دمرت البلاد على مدى أكثر من عقد.
في ظل الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها المنطقة، تسعى هذه الفصائل إلى التغلغل تحت مظلة النظام، الذي يبدو أنه يستخدمها كأداة لتعزيز نفوذه المحلي والإقليمي.
هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد سبق أن استخدم النظام السوري في مراحله السابقة مجموعات مسلحة لتعزيز قبضته وإرباك خصومه السياسيين.
التقارير الأخيرة تشير إلى أن هذه الفصائل لا تكتفي بالعمل داخل الحدود السورية، بل تتعداها إلى التدخل في دول مجاورة، مما يفتح الباب أمام موجة جديدة من العنف وزعزعة الاستقرار.
النظام السوري استخدم منذ اندلاع الحرب في عام 2011 تكتيكات تستند إلى دعم الميليشيات، وتحويلها إلى أدوات لفرض السيطرة وإرهاب المعارضة.
هذه الاستراتيجية التي أفضت إلى دمار شامل في المدن السورية ونزوح ملايين المواطنين، يبدو أنها تنتقل الآن إلى دول أخرى، في محاولة لتوسيع رقعة النفوذ.
الأمر الأخطر أن هذه الفصائل تعتمد على أيديولوجيات متطرفة، مما يعزز احتمالية تحوّل المنطقة إلى بؤرة صراع جديدة، خاصة إذا ما استُخدمت هذه الجماعات كورقة ضغط سياسي في أزمات إقليمية أوسع.
تواجد هذه الفصائل المدعومة من النظام الجديد قد يشعل نزاعات طويلة الأمد، خاصة في دول مجاورة مثل العراق ولبنان، التي تعاني بالفعل من هشاشة الأوضاع الأمنية.
كما أن تدخل هذه المجموعات يعمّق الانقسامات الطائفية والسياسية، مما يزيد من صعوبة تحقيق الاستقرار.
من بين الأساليب التي يعتمدها النظام السوري الجديد لفرض نفوذه الإقليمي، تشير تقارير متزايدة إلى دعمه فصيلاً من جماعة الإخوان المسلمين كأداة لزعزعة استقرار مصر، في خطوة تهدف إلى تصعيد التوترات الإقليمية وتعميق حالة الفوضى في المنطقة.
تأتي هذه الخطوة كجزء من استراتيجية النظام لإعادة تموضعه الإقليمي، حيث يرى في دعم هذا الفصيل وسيلة للضغط على القاهرة، التي تتخذ موقفًا واضحًا ضد الإرهاب والجماعات المتطرفة.
يستغل النظام السوري التحالفات الإيديولوجية القديمة لجماعة الإخوان مع قوى إقليمية ودولية، ما يسمح له بتوظيفها كأداة لزعزعة الأمن الداخلي المصري.
يتخذ دعم النظام السوري الجديد لجماعة الإخوان أشكالًا متعددة، أبرزها:
* توفير الملاذ الآمن: تشير التقارير إلى استضافة قيادات من الفصيل الإخواني وتقديم دعم لوجستي لهم، بما في ذلك تسهيل تنقلاتهم واتصالاتهم.
* تمويل الأنشطة التخريبية: يُتهم النظام بتمويل حملات تستهدف تشويه صورة الدولة المصرية وإثارة الفوضى عبر منصات إعلامية ومنظمات تعمل تحت غطاء إنساني.
* تعزيز التحركات المسلحة: يُزعم أن بعض العناصر تتلقى تدريبات عسكرية في مناطق تسيطر عليها ميليشيات متحالفة مع النظام السوري، بهدف استخدامهم في عمليات نوعية داخل مصر.
يُعد استهداف مصر محاولة لضرب استقرارها الداخلي وتقويض دورها المحوري في المنطقة، لا سيما في ملفات مثل القضية الفلسطينية وأمن البحر الأحمر ومكافحة الإرهاب.
يدرك النظام السوري أن مصر تُشكل حجر زاوية في الاستقرار الإقليمي، وبالتالي فإن أي اضطراب فيها سيؤثر على معادلات القوى في المنطقة.
للتعامل مع هذه التحديات الخطيرة في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة والعالم، يتطلب الأمر:
* تعزيز التعاون الإقليمي: يجب على الدول المعنية، بما في ذلك مصر وحلفاؤها، تكثيف التنسيق لمواجهة التدخلات التي تستهدف أمن المنطقة.
* كشف الدعم الموجه: ينبغي تسليط الضوء دوليًا على العلاقة بين النظام السوري والجماعات المتطرفة، بما في ذلك جماعة الإخوان، لضمان فرض عقوبات رادعة.
* تحصين الجبهة الداخلية: يتطلب ذلك تعزيز التماسك المجتمعي والتصدي لأي محاولات لإثارة الفتنة الداخلية.
كما يتطلب الموقف الحالي استجابة حازمة من المجتمع الدولي للحد من انتشار هذه الفصائل ومنع النظام السوري من استغلالها لتحقيق أهدافه السياسية.
ويجب تعزيز الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة السورية بشكل شامل، وإرساء آليات تمنع استنساخ هذه التجربة الكارثية في دول أخرى.
باختصار.. محاولات النظام السوري الجديد دعم فصيل من جماعة الإخوان المسلمين لزعزعة استقرار مصر تُعد تصعيدًا خطيرًا يهدد الأمن الإقليمي.
هذه التحركات تؤكد الحاجة إلى موقف عربي ودولي حازم لمنع استغلال الجماعات المتطرفة كأدوات في الصراعات السياسية، وضمان استقرار الدول المحورية في المنطقة، وعلى رأسها مصر.
إيواء النظام السوري لفصائل متطرفة يعد بمثابة تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي ومؤشر على أن النظام السوري الجديد لم يتخلَّ عن أدواته التقليدية في فرض السيطرة عبر العنف.
التصدي لهذه الظاهرة هو واجب على المجتمع الدولي للحفاظ على أمن المنطقة ومنع انزلاقها إلى هاوية جديدة.