ما حدث في مدرسة كابيتال الدولية منذ أيام ليس مجرد «خناقة» بين طالبات في مدرسة، ولا حادث عارض لم يستغرق سوى دقائق معدودة ويمكن أن يمر مرور الكرام.. بل هو حادث جلل ومزلزل ويستدعي أن نتوقف أمام كل تفاصيله.
لا ينبغي أن نتجاوز هذا الحدث بعد أن دق ناقوس الخطر وجاءنا الإنذار من مدرسة دولية كبيرة ومن قلب القاهرة الجديدة.
من هنا كان الاهتمام الإعلامي بهذا الحدث.. ومن هنا جاءت حالة الاستنفار سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
هذا الحادث أو «خناقة» طالبات مدرسة التجمع كما سماها الإعلام كشفت عن أزمة أخلاق باتت تهدد المجتمع بأسره وتستدعي اليقظة والانتباه قبل فوات الأوان.
الأطراف كثيرة والتفاصيل مؤلمة والحل لا يجب أن يتوقف عند القرارات العقابية وإن كانت حتمية ويجب أن تصل إلى درجة المحاكمة.. ولكن المشكلة أكبر من ذلك بكثير وتتطلب التكاتف والاستنفار.. والبداية تكون بالعودة إلى التربية أولا قبل التعليم ولن يكون ذلك إلا من خلال إحياء دور البيت والمدرسة من جديد.
الألفاظ التي سمعناها من البنات في «الخناقة» هي ألفاظ صادمة وخادشة للحياء ومؤلمة ومتدنية وهذا أقل ما يمكن قوله.. والغريب أنها صدرت من بنات وليس من أولاد.. والأغرب أنها صادرة من وسط اجتماعي يضم الطبقة العليا والمتوسطة العليا، والأسر التي تنتمي إلى هذه الطبقة لديها الإمكانات المادية التي تؤهلها للاستثمار في التعليم والإنفاق على أولادهم في مدارس دولية باهظة التكاليف.
وهذا له ما يبرره لأن هذه المدارس تقوم بتدريس مناهج دولية عالمية مثل الـ IG والـ IB والبكالوريا الأمريكية وهو تعليم مختلف ينتج عنه مخرجات تختلف عن مخرجات التعليم العادي.
إلى هنا والأمور طبيعية، ولكن الغير طبيعي هو تركيز الأسر على الناحية العلمية فقط وتجاهلها للأهم وهي التربية.. تجاهلت الأسر أهمية التربية التي تأتي في المرتبة الأولى قبل التعليم الذي يأتي في المرتبة الثانية.
دخلت هذه الأسر سباق التعليم وهي لا تدرك أن الشهادة الدراسية ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لبناء الشخصية، وأن هذه الشهادة لن تبني وحدها الشخصية والكيان، ولن تحقق الغاية، وأن هناك مقومات أخرى أكثر أهمية وهي التربية والأخلاق.
ما حدث في مدرسة كابيتال الدولية من «خناقة» سمعنا فيها ألفاظ نابية وقبيحة هو أمر يؤكد غياب دور الأسرة في التربية واقتصار الأمر على تدبير مصروفات باهظة من أجل تعليم منقوص منزوع الأخلاق حتى وصلنا إلى خناقة وضرب وكسر أنف وأقسام شرطة ونيابات وقريبا محاكم.. هذه هي النتيجة الطبيعية لغياب دور البيت في التربية.. وهو ما يفرض علينا سرعة تدارك تلك الجريمة والعودة إلى القواعد والأصول.. قواعد التربية وأصول الأخلاق.