رغم ما نعيشه من انكسارات، ورغم محاولات التشكيك والتفكيك والتهميش، إلا أن الحلم العربي لا يزال حيًا، نابضًا في صدور الأحرار، في عيون الأمهات، وعلى شفاه الأطفال.
نعم، «لسه الأحلام ممكنة»، بل هي ضرورية، لأنها آخر ما تبقّى لنا لنستعيد ما سُلب، ولننهض مما نحن فيه، لأننا باختصار «لو بطلنا نحلم نموت»
نحلم ولسنا سذجًا، بل نعرف أن الواقع قاس، لكننا نؤمن أن الحلم هو أول الطريق نحو الحقيقة.
نحن نحلم… ولسنا وحدنا.. هناك جيل عربي كامل لم يستسلم بعد، لا يزال يرى أن هذه الأمة، رغم جراحها، لا تزال قادرة على النهوض.
يظن البعض أن الحلم رفاهية، وأن التطلع نحو وحدة الأمة ضرب من الخيال، لكن الحقيقة التي يتم تجاهلها عمدًا هي أن الحلم في ذاته فعل مقاومة.. وأن الأمم العظيمة تبدأ بحلم.
نحلم بتكتل عربي-إسلامي موحد، لا تحكمه مصالح العروش ولا تفرقه صراعات الزعامة، بل يجمعه همّ الأمة، وشغف الدفاع عن الأرض والعقيدة والكرامة.
تكتل يحمي حدودنا، ويمتد صوته ليصل صداه في الأمم الأخرى، يحظى بالاحترام لا بالشفقة.
نحلم باقتصاد عربي موحد، من المحيط إلى الخليج، تُنقل فيه السلع والخدمات كما تُنقل الكلمة بين أبناء البيت الواحد.
نحلم بثروات تُستثمر في نهضة الأمة، لا تُبدد في مشاريع الاستهلاك والرياء.. حلمنا ليس رفاهية، بل ضرورة للبقاء.
نحلم بجيوش عربية لا يُستخف بها، تردع لا تعتدي، تحمي لا تقمع، جيوش عقيدتها الوطن، وشرفها في الدفاع عن الإنسان لا السلطة، جيوش يهابها العدو ويثق بها المواطن.
نحلم بأن نكسر تلك الأسلاك الشائكة التي زرعها الاستعمار في جسد أمتنا، نحلم أن نتحرك داخل وطننا الكبير بلا جواز سفر، بلا حواجز وهمية ولا تأشيرات.
نحلم أن يكون تنقلنا بين دمشق والدار البيضاء، بين بغداد وتونس، كما التنقل بين القلب والنبض، بلا إذن ولا خوف، فكيف لأمة واحدة أن تُمزقها حدود رُسمت على طاولات المستعمرين بمسطرة ومصالح؟
نحلم أن تسود الديمقراطية في بلادنا، لا كزينة دستورية، بل كواقع حي. أن تُحترم صناديق الاقتراع، وتقدس إرادة الشعوب.. أن تكون الحرية حقًا لا منّة، وأن يصبح الرأي المخالف علامة صحة لا تهمة خيانة.
نحلم بوطن لا يخشى الكلمة، بل يحتفي بها، لأننا نؤمن أن الكلمة الحرة تبني، بينما القمع يهدم الأوطان من الداخل.
نحلم بوطن كبير وطن لا تحكمه الحدود الاستعمارية ولا تُفرقه اللهجات ولا المذاهب.. وطن شعاره «الحرية»، ويؤمن أن الكرامة لا تُجزأ، وأن لا كرامة لعربي ما دام عربي آخر يُهان، ولا حرية في وطن نصفه محتل، ونصفه الآخر بين خائف ونائم.
أحلامنا ليست رومانسية، بل مقاومة.. إنها معارك في عقول الشباب، وفي قلوب الأمهات، وفي ضمير الأمة الذي وإن غُيّب يومًا، لا يموت.
نعم، «لسه الأحلام ممكنة»، وستظل ممكنة، ما دام فينا نفس يتردد، وما دامت الكلمات قادرة على إشعال شرارة، وما دام في العمر بقية.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا