بقلم – محمد بدرالدين
نجوم ووجوه سينما الخمسينيات والستينيات.. أشعر بأنى جزء من عالمهم!
لو لم أكن مصرياً.. من (مصر الآن): لوددت أن أكون مصرياً من (مصر زمانهم).. مصر الخمسينيات والستينيات.
أبى حسين رياض.. وأمى أمينة رزق.. خالتى فردوس محمد وعمتى زينب صدقي.. خالى سليمان نجيب وعمى شفيق نور الدين.. وجيرانى (كوكبة: «اعترافات زوج».. فؤاد المهندس وشويكار وهند رستم ويوسف وهبى ومارى منيب..).
وأصحابى النابلسى وعبدالمنعم إبراهيم ورمزى وحسن يوسف.. وأخواتى البنات سعاد حسني.. ومديحة سالم وعصمت محمود وفاطمة مظهر.. وأجد بين أخواتى وأقاربى وجيرانى شكرى سرحان وأحمد مظهر وكمال الشناوى وعماد حمدى ورشدى أباظة وصلاح ذو الفقار وفريد شوقى وطبعاً عبدالحليم وفريد. ولا أدرى لماذا إحساسى دائماً تجاه سعاد حسني.. إنها شقيقتي! أرق وأرقى، وأعذب وأعز أخت.
أما حبيبتي.. فلن تخرج عن: فاتن حمامة أو مديحة يسرى أو شادية، كما رأيناهن فى أفلامهن الرومانسية مع عماد حمدى أو كمال الشناوى أو عمر الشريف أو صلاح ذو الفقار.
حبيبتي.. لن تخرج عن مريم فخر الدين أو صباح كما رأيناهما فى «الأيدى الناعمة».. ولبنى عبدالعزيز «عروس النيل».. ونادية لطفى بينما عبدالحليم يغنى لها «الحلوة.. الحلوة»، وزبيدة ثروت بينما عبدالحليم يغنى لها «بأمر الحب»، وآمال فريد بينما عبدالحليم يغنى لها «كفاية نورك عليا».. وعلى النقيض تماماً من عمر الشريف فى «بداية ونهاية» فإننى على استعداد لأن أترك الدنيا كلها من أجل آمال فريد.. وأخيراً، فإن حبيبتي.. إحساس يصل إلى القمة مع ميرفت أمين.
وبمناسبة آمال فريد.. فإننى أريد أن ألفت النظر، وأنوه بما قام به مؤخراً مصور صحفى فى أكثر من عدد لجريدة أسبوعية (صوت الأمة ـ حسن عبدالفتاح ـ أغسطس ٢٠١٦)، فقد تمكن من سبق صحفى بإجراء حوار مطول مع آمال فريد، البعيدة كل البعد بإرادتها عن الصحافة وعن نشر أى شىء حولها، منذ أكثر من أربعين سنة، عندما اعتزلت مثلما فعلت لبنى عبدالعزيز، وفى مرحلة واحدة تقريباً بعد زواجهما.
لكن «لبنى» و«آمال» ـ متعهما الله بكامل الصحة وطول العمر ـ كانتا تعتزلان، من دون أن تعرفا أو تقدرا أنهما بحضورهما الخاص وتألقهما فوق العادة، كان قدرهما ألا تبتعدا أبداً.. عن إعجاب ومحبة أجيال بعد أجيال.
نعم.. إننى أحيا، لا أزال أعيش فى هذا العالم.. وفى هذه الأفلام، الأعذب الأرهف، والأصدق.. من كل ما نحيا ونعيش!
– من (سينما.. زمان) أنتقل إلى (تليفزيون.. زمان): إن أروع ما يقدم فى الفن والإعلام لدينا حالياً، هو ما نشاهده من إعادة لأعمال وبرامج ولقاءات مع شخصيات متميزة ورائدة، فى القناة التليفزيونية (ماسبيرو زمان).. يكفى أننا نشاهد لقاءات مع المؤرخ العلمى لمصر الحديثة عبدالرحمن الرافعي، ومؤرخ وعالم مصر القديمة د. عبدالمنعم أبوبكر، وعباقرة مصر وأمتنا فى الهندسة مثل حسن فتحى وفى الطب مثل مجدى يعقوب، ونستمع إلى محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين ومحمد عودة وكامل زهيري، ونشاهد لقاءات مع صلاح جاهين وفؤاد حداد ومرسى جميل عزيز وصلاح عبدالصبور وأمل دنقل، ومع محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ، وشادية ونجاة، ومع محمد الموجى وكمال الطويل، وعلى إسماعيل.. (وأنتظر حلقات البرنامج الثقافى الأروع «وقائع مصرية» لكمال مسعود عن عبقريات كعلى إسماعيل وشادى عبدالسلام، فكل حلقة منه فيلم تسجيلى رفيع ودراسة علمية راقية).. كما نشاهد لقاءات مع فرقة رضا وفريدة فهمى ومحمود رضا، ومع أمينة رزق وحسين رياض ومحمود المليجى وفاتن حمامة وأحمد مظهر وسميحة أيوب وسناء جميل، ومع بهيجة حافظ وأحمد كامل مرسى وصلاح أبو سيف ويوسف شاهين وتوفيق صالح وفطين عبدالوهاب، ومع نعمان عاشور وألفريد فرج ويوسف إدريس وصالح مرسي، ومع سعد أردش وكرم مطاوع وأحمد عبدالحليم.
يكفى أننا نتابع لقاء نابضاً بالحيوية والجمال والثقافة للرائدين زكى طليمات ويوسف وهبي، فى برنامج (اتنين على الهوا) للمذيعين اللامعين منى جبر وطارق حبيب.. وأن نسمع مستوى رفيعاً للحوار، يجيب خلاله طليمات مثلاً حينما يُسأل عن وهبي.. (إذا قلت عنه: كان.. وأصبح.. ماذا نقول؟)، فيرد بنفاذ: (كان قوة مسرحية.. فأصبح قيمة مسرحية.. مثلما كنت وأصبحت أنا أيضاً).
يكفى أننا نشاهد طه حسين، وكوكبة الأدباء والمثقفين الكبار من حوله مثل نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوى ومحمود أمين العالم، فى اللقاء المشهور وغيره من لقاءات المذيعة القديرة ليلى رستم فى برنامجها الجميل (نجمك المفضل).. يكفى أننا عدنا لنشاهد مستمتعين بقامات وقدرات هذه المذيعة، هى وسلوى حجازي، وأمانى ناشد، ومذيعين آخرين متميزين ومن رواد الإعلام الحق.
يكفى أن نرى أحمد فراج أهم مذيع لبرامج دينية فى أهم برنامج دينى (نور على نور)، وهو يستضيف فى حلقته مثلاً أحمد حسن الباقورى أو عبدالعزيز كامل وغيرهما.
يكفى حتى (بشكل شخصي) أن أشاهد أديبى المفضل يحيى حقي، تحاوره مذيعتى المفضلة أمانى ناشد، فى برنامجها المثقف الراقي، السلس من طراز السهل الممتنع (سهرة مع فنان).. ويكفى أيضاً أن أشاهد حلقات من مسلسلى التليفزيونى المفضل (القاهرة والناس)، ولكم يطيب لى أن أتوقف عنده، كلمحات فى سطور..
– البراعم تتفتح:
«القاهرة والناس»: حيث الكبار يولدون: المخرج محمد فاضل، والكاتبان عاصم توفيق ومصطفى كامل، وحيث الراسخون يؤكدون مواهبهم: محمد توفيق وعقيلة راتب وعزيزة حلمى وكريمة مختار، وحيث الموهوبون يصعدون أكثر: ليلى طاهر وعايدة كامل ونادية السبع ونادية الشناوى وفاتن أنور وحمدى أحمد وعبدالسلام محمد.. وحيث البراعم تتفتح: نور الشريف ونادية رشاد وفاطمة مظهر وصفية العمرى وهالة فاخر وعفاف شعيب وبوسي.. وغيرهم كثر.. فى هذه الملحمة الدرامية/الوثيقة الكبرى التى تعد فى وقت عرضها، وقد بدت خلال حرب الاستنزاف، خير تعبير عن المجتمع المصرى وروح وتطلعات أجياله الكبيرة والشابة الطالعة الواعدة بالكثير، وحركة وطبيعة المجتمع فى إجماله وفى طبقته المتوسطة من خلال أسرة «عم عوض»، الوالدين (محمد توفيق وعزيزة حلمي) والعمة (كريمة مختار) والابنين النموذجيين اللذين يحرصان على المبادئ قبل منفعة أو مصلحة الذات (عادل ومنى أو نور الشريف وفاطمة مظهر)، والاثنين الآخرين اللذين يقدمان الذات على كل ما عداها (سامى وفايزة أو أشرف عبدالغفور ونادية رشاد).
– أما راديو زمان:
فهو يستحق تأملات وكتابة وحده.. إن أرقى وأمتع ما يقدم فى الراديو المصرى فى الفترة الحالية، هو ما يعاد من برامج وأعمال درامية من زمان فات.. مثل مسلسل «دماء على الصحراء» إخراج أنور عبدالعزيز (بإذاعة صوت العرب)، أتقن وأدق عمل فنى إبداعى على الإطلاق عن عصر حفر قناة السويس (جنباً إلى جانب المسلسل التليفزيونى الكبير «بوابة الحلواني») وهو تأليف الأديب الكبير عبدالرحمن فهمى (الذى استكمل الرواية التى كتبها جمال عبدالناصر وهو طالب «فى سبيل الحرية») وبطولة عبدالله غيث وكريمة مختار.. ومثل مسلسل «الحرافيش» إخراج فتح الله الصفتى (بإذاعة البرنامج العام) الذى فاق كل ما قدم من أفلام سينمائية متسرعة مأخوذة عن هذه الرواية والملحمة الأدبية والفلسفية الكبرى لنجيب محفوظ (باستثناء «الجوع» أحسن أفلام المخرج على بدرخان).. ومثل العمل الإذاعى الذى أعشقه بعنوان «كتاب عربى علم العالم»، وهو برنامج مدقق بقدر ما هو عمل درامى ممتع، تأليف الشاعر والكاتب المبدع فوزى خضر وإخراج مدحت زكي، والذى قدم عبر حلقات كثيرة وأجزاء عدة سيرة أعلام فى حضارتنا أبدعوا وألفوا كتباً، وبقدر ما كان برنامجاً فكرياً تثقيفياً يعرف بهذه المؤلفات، جاء بإمتاع حقيقى فى الكتابة الدرامية، وبتجسيد وأداء تمثيلى راق لبعض شوامخ فن التمثيل لدينا مثل محمود مرسي، ومحمد وفيق، وعمر الحريري، ومدحت مرسي، ومديحة حمدي.. والرائعتين اللتين بدأتا فى المسلسل التليفزيونى الخالد «القاهرة والناس» نادية رشاد، وفڈاطمة مظهر، وللأسف فإن الأولى، الممثلة البارعة القديرة والكاتبة الموهوبة أيضاً، أصبحت مقلة، والثانية توقفت وحرمتنا من تمثيلها الجميل وروحها وطلتها البريئة المتميزة.