تصدرت أنباء الأحداث في السودان الأخبار في كل الفضائيات و المواقع الإخبارية منذ أعلن عبد الفتاح البرهان حل الحكومة والتحفظ على عبد الله حمدوك رئيس الوزراء و بعض الوزراء و المستشارين في الحكومة السودانية من المكون المدني .
كان الحكم في السودان بعد خلع نظام البشير الذي كان يسمي نظام الكيزان في أبريل 2019 والذي استمر ثلاثون عاما فقد فيه السودان جنوبه الذي أصبح دولة مستقلة حكما مشتركا بين المكون العسكري برئاسة عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والمكون المدني بقيادة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وحكومته.
وطوال فترة العامين والنصف كان من الواضح أن الأمور غير مستقرة في إدارة الحكم بينهما. فهناك قرارات تصدر يغلب عليها الطابع الحزبي حتى لو لم تكن في صالح المصلحة العامة للسودان. وهناك أكثر من توجه داخل أجهزة صناعة وتنفيذ القرار. وهناك أقاليم غاضبة تعاني منذ عشرات السنوات الماضية ولا تري في الأفق أمل لحل مشاكلها.
كما أن السودان لا يزال يعاني من وجود قوي مسلحة تحمل السلاح ولها مطالب. وبعضها تم التوصل معه لاتفاقات سلام وبعضها لا زال يحمل سلاحه. وبدأت إرهاصات الغضب تتحول إلى مظاهرات وإضرابات وقطع للطرق وغلق للموانئ. بعضها طالب بالانفصال عن السودان وبعضها كان مترصدا للجيش السوداني منتقدا ومهاجما لأي تصرف له. حتى ولو كان تحرير الأرض السودانية من الاحتلال الإثيوبي الذي استمر أكثر من ربع قرن. وبعضهم يكيل الاتهامات للجيش وعلى رأسه عبد الفتاح البرهان كلما زار القاهرة وكأن زيارته كابوس لهم.
وأصبحت سياسات السودان عموما في كل المواقف الكبيرة والصغيرة خطوة للإمام خطوة للخلف. مما هدد السودان بالتفتت والانهيار الاقتصادي الذي وصل لرغيف الخبز والوقود ومختلف مناحي الحياة. وأصبح واضحا أن الأفق أصبح مسدودا وأن الأمور لا يبدوا أنها قد تتحسن.
تجمعت المشاكل والأخطار على القطر الشقيق السودان اقتصاديا وعسكريا بعد تحرير الجيش السوداني لأرض الفشقة الخصيبة وأصبح الصراع عسكريا على الحدود مع إثيوبيا. ورغم الاعتداءات الإثيوبية المتكررة على أراض السودان والمزارعين والنساء. بل والخطف وطلب الفدية فقد كانت ردود الفعل من السودان دائما متأرجحة. فهي تارة تتحدث عن الخطر الإثيوبي ومخاطر السد. الذي تبنيه على أرض بني شنقول التي هي سودانية الأصل. وقانونيا تعود ملكيتها للسودان في حالة بناء أي سدود على النيل. وتارة تصدر بيانات وزيارات متبادلة باعتبار أن الأحباش أخوة وأشقاء. وأن مهاجمتهم لحدود السودان واعتداءاتهم على المزارعين وقتلهم للمدنيين من الممكن حلها بالمفاوضات. مما أكد أن السودان يحكمها رئيسين غير متوافقين.
الخطر الأكبر على السودان هو انقسام الشعب السوداني على الخطوات التي قام بها البرهان فمن الواضح أنهم مختلفون بعكس ما حدث في مصر من التفاف الغالبية العظمي حول جيش مصر وأن التخلص من الإخوان ضروري للحفاظ على وحدة مصر وخرجت عشرات الملايين تؤيد الجيش وتسانده.
كما أن الجيش نفسه دائما كان وحدة واحدة لا تهتز وأري أن الوضع الداخلي للسودان حتى الآن يدل على أن الجيش وقوات الدعم السريع والأجهزة الأمنية متفقة ومتضامنة مع عبد الفتاح البرهان وهو ما يعزز موقفه أمام الضغوط الخارجية حيث قام بما يسمي الاتحاد الأفريقي بتعليق عضوية السودان في الاتحاد وهو نفسه الذي لم يجرؤ على تعليق عضوية إثيوبيا عندما قام الجيش الفيدرالي الإثيوبي وحليفه الإريتري بتدمير ونهب إقليم التيجراي ومازال صامتا أمام ضرب المدنيين هناك بالطائرات. ولكنه فجأة رأي أن ما يحدث في السودان انقلاب. كما أن أمريكا أعلنت وقف مساعدات مالية للسودان رغم علم الجميع بهشاشة الوضع اقتصاديا وهو ما يؤكد فشل عبد الله حمدوك وحكومته في حل هذه المشكلات الاقتصادية التي زادت من أعداد الغاضبين من الأوضاع الحالية.
إنني أدعو كل الدول العربية بلا استثناء لدعم السودان بوابة العرب على أفريقيا وشعبه في هذا الوقت العصيب وخاصة مصر والسعودية والإمارات والكويت والمغرب والجزائر خاصة بعد الضغوط الأمريكية والغربية التي قد يسقط بعدها السودان في دوامة لا تنتهي من الصراعات.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية t – F