خلال الأيام القليلة الماضية، انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لحادث مروري مؤسف ومفجع يدمى القلوب ويبكي الأعين، راح ضحيته أربعة طلاب في مقتبل حياتهم، بسبب تهور شاب طائش يقود سيارته بسرعة عالية فاصطدم بسيارة أخرى يستقلها الطلاب ما أسفر عن وفاتهم، وبث الذعر والقلق في قلوب الآباء والأمهات على أبنائهم.
لم يكن هذا الحادث فريدًا من نوعه أو عارضًا وإنما شاهدنا خلال السنوات الأخيرة حوادث عديدة يضيع فيها شبابنا دون سابق إنذار، بسبب قيادة السيارات أو الدراجات البخارية المتهورة والإهمال، ما يجعلنا نشعر بأننا أمام خطر حقيقي يهدد شبابنا وجميع فئات المجتمع، ولذلك يجب أن نطرح ضرورة أن تتكاتف الدولة بجميع أجهزتها ويتكاتف معها المجتمع من أجل حماية الأرواح البريئة، التي تُزهق جراء الإهمال.
لم يغفل القانون المصري خطورة حوادث الطرق ففرض عقوبات على مثل تلك الحالات باعتبارها قتلا خطأ، واختلفت على حسب حالة المتهم وقت الحادث من القتل الخطأ نتيجة القيادة، تحت تأثير السكر أو المخدر، أو حسب عدد المجني عليهم المتوفين، وفي مجملها لا تقل مدة الحبس عن ستة أشهر ولا تزيد على عشر سنوات، ولكني أرى أنه في بعض الأحيان قد يتطلب الأمر عقوبة أشد من ذلك لتكون رادعة لكل من يستهتر بالأرواح.
وقبل منح أي شاب مقاليد السيارة وتركه يتحكم في زمامها، علينا أولًا أن نتأكد من قدرته على ضبط النفس، وقدرته على أن يتحكم في انفعالاته، وإدراكه لحجم المسئولية الملقاة عليه في الحفاظ على أرواح الآخرين، وعدم استخدام السيارة بشكل خاطئ يضر بالغير، أو يخلّ بقدسية الطريق، واختبار مدى التزامه بشكل قاطع بلوائح الطرق وقوانينها، وعلى إدارة المرور أن تأخذ بمقياس الاختبارات النفسية قبل إعطاء رخصة القيادة، وعلى المجتمع قبل المرور أن يمنع أي شخص غير مسئول من قيادة السيارة.
أرجو من كل من يقود سيارة حماية نفسه وغيره من هذا الخطر الداهم، من خلال الالتزام بالسرعات المحددة وألا يتسابقوا بسرعات جنونية على الطرق، وألا ينشغلوا بالهواتف المحمولة أثناء القيادة، والالتزام بقواعد المرور، وصيانة السيارة بشكل دوري والتحقق من معايير الأمان قبل شرائها، حتى نقلل من نزيف الطرق.
علينا جميعًا أن ننتبه لتلك الأزمة قبل أن تتحول إلى كارثة حقيقية تهدد المجتمع بأسره، ونربي أبناءنا على الالتزام بالحكمة، واتباع آداب الطريق، وتحمل مسئولية قيادة السيارة، حتى ننقذ أرواح أخواتنا المواطنين، ونوقف نزيف الدماء على «الأسفلت»، ونحمى قلوب الآباء من الانفطار على أبنائهم الذين يموتون فجأة نتيجة التهور والاندفاع غير المسئول.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية