مؤتمر جدة للأمن والتنمية هكذا كان عنوان المؤتمر الذي عقد في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. والذي حضره كل دول الخليج العربي ومصر والعراق والأردن. واجتمعوا فيه مع جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وترقبه العالم كله انتظارا لما سيسفر عنه .
الرئيس بايدن دفع ثمن خطأه الذي أعترف به بأن أعطي ظهره للشرق الأوسط ظنا منه أن الاهتمام بالصين وروسيا وشرق أسيا هو الأهم فتعامل مع زعماء دول الشرق الأوسط وخاصة السعودية ومصر بصلف وكبرياء بل وأعتبر أن السعودية يجب أن تكون دولة منبوذة ولذلك جاءها صاغرا وكانت مراسم استقباله بمطار جدة درسا لن ينساه حيث قابله أمير مكة وليس الملك ولا ولي عهده كما كان يقابل رؤساء أمريكا من قبله ثم أن الإمارات استبقت المؤتمر ببيان أكدت فيه أنها لن تشارك في أي أحلاف ضد أي دولة وخاصة إيران بل أنها بصدد عودة السفير الإماراتي إلى طهران وقد أكدنا في مقالنا السابق أن علاقات إيران بدول الخليج متفاوتة وليست كلها على نفس درجة العداء أو التعاون.
وكذلك مصر والعراق والأردن كما أن بايدن فوجئ بأن كل رؤساء الدول العربية طالبوا في خطاباتهم بحل القضية الفلسطينية. وأنه لن يكون هناك تنمية ولا أمن بالشرق الأوسط بدون حل القضية الفلسطينية وإعلان دولة فلسطين على حدود يونية 1967 رغم أن بايدن تعمد تهميشها طوال فترة وجوده في زيارته لإسرائيل وكأنها قضية منسية ليست ذات قيمة. إلا أن بايدن نجح في تحقيق هدف كبير هو جاء خصيصا له وهو زيادة ضخ النفط السعودي في الأسواق العالمية حتى تبدأ أسعاره في الانخفاض مما يخفف من الضغط على أمريكا وأوروبا اللذين عانوا بشدة من ارتفاع أسعاره وأيضا يقلل من أرباح بيع البترول التي مولت الاقتصاد الروسي في حربه ضد أوكرانيا. وزادت من قدرة الدب الروسي على تحمل العقوبات الهائلة التي طبقتها أوروبا وأمريكا على روسيا.
كما نجح بايدن في تطبيق خطوة كبيرة للتطبيع بين الكيان الصهيوني و المملكة العربية السعودية بعد أن فتحت السعودية أجواءها الطيران المدني الصهيوني للمرور من خلاله و هذا نتاج للضغوط الأمريكية لزيادة مساحة دمج إسرائيل في الشرق الأوسط وكأنها دولة عادية وليست دولة محتلة عنصرية بل إني سمعت أحد خبراء السياسة الصهاينة الذين تتم استضافتهم بشكل منتظم علي القنوات الخليجية يقول إن إسرائيل لا تحتاج للتطبيع مع الدول العربية بل أن الدول العربية هي من تحتاج للتطبيع معها لأنهم يحتاجون للأمن الذي ستعطيه إسرائيل لهم عندما يطبعون معها.
الخلاصة أن دول الخليج ومصر والعراق والأردن احتفظت بنفس دفء العلاقات مع روسيا والصين. ولم تندفع لتكوين حلف عسكري ضد إيران كما كانت تخطط الإدارة الأمريكية وإسرائيل. كما أن اقتراب العراق من العودة للإطار العربي قد زاد نتيجة الجهود المصرية السعودية الأردنية المشتركة. ولعل تلك الجهود تنجح في اليمن وسوريا وليبيا ولبنان مما سيضعف من التوسع الإيراني في المنطقة العربية. ولعل الأيام القادمة توضح الصورة بشكل أوضح من حيث ما سيتم تنفيذه علي أرض الواقع .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية