في الأسبوع الماضي تعرضت لحادث أقعدني في المنزل طوال الأسبوع.. ولم يكن امامي إلا التليفزيون ومتابعة البرامج والأحداث المختلفة، وعلى رأسها الأحداث الرياضية والتطورات الاقتصادية الأخيرة.. والأحداث تتسارع بصورة غريبة وعلى رأسها أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري والذي أصبح للدولار أكثر من سعر في نفس الوقت وفى نفس اليوم.. ظاهرة غريبة تحدث في الأسواق المصرية.
وبغض النظر عن الارتفاعات التي تحدث في أسعار العملات مقابل الجنيه، ولأنى لست خبيرًا في الاقتصاد، فقد سمعت وشاهدت وقرأت عشرات التحليلات من شخصيات تدعي أنها خبراء في الاقتصاد، ومن مسئولين في البنوك المصرية، فوجدتها تحليلات متضاربة وعكس بعضها ولم أصل إلى فهم السبب الحقيقي للحالة التي وصلت إليها العملة المصرية.. فلم يجب أي مسئول عن سؤال إلى متى سوف يستمر هذا الحال؟ والغريب أن التحليلات الأجنبية تشير إلى أن الارتفاع في سعر العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار سوف يستمر حتى نهاية العام وذكروا أرقاما مرعبة.
وتوقفت أمام ما قالته المديرة التنفيذية لصندوق النقد عندما تحدثت عن بيع أصول الدولة بمقدار اثنين ونصف المليار دولار دون أن تحدد ما هي هذه الأصول وكيفية البيع، ولكن أشارت إلى المشترين وهم مستثمرون وحكومات عربية خليجية.. ولم يخرج علينا أي مسئول ليتحدث عن آليات وضوابط البيع وما الأصول المعروضة للبيع حتى يتم قطع الشك باليقين والتصدي للشائعات الخاصة ببيع قناة السويس وحديقة الحيوان والموانئ، وغيرها من الشائعات التي تستغلها جماعات الإرهاب والعنف للتحريض ضد مصر.
ففي مثل هذه الأزمات الاقتصادية مصارحة الناس بحقيقة الأزمة، واشراكهم في مناقشتها بحرية بعد وضع كافة المعلومات أمامهم، هي بداية لعبورها سريعا.. لكن أن تترك الحكومة الأمور إلى مجموعة يدعون أنهم محللون اقتصاديون يأخذون الناس يمينا ويسارًا ويحدثون ارتباكًا في فهمهم الأمر الذي يساعد على نشر الشائعات أكثر منه نشر الحقائق، وتوعية الناس بالأخطار المحدقة، وأن الأمة في حاجة إلى التماسك من أجل عبور هذه المحنة الاقتصادية والانهيار الكبير والخطير لقيمة العملة الوطنية.
فنحن لا نريد أن نكرر أخطاء الآخرين وتجربة عمر البشير في السودان قريبة، فقد صرح فور توليه السلطة بأنه سيجعل الدولار يساوى جنيها سودانيا ووصل به الحال بعد سنوات إلى أنه بلغ 1500 جنيه سوداني.. لأنه اعتمد على خطاب شعبوي تعبوي وأخفى عن الشعب الحقائق، فكانت ما تشهده السودان الآن من أزمات بداية من الانفصال وحتى حالة الفوضى الموجودة الآن والصراع السياسي هناك.
فالحكومة مطالبة بمصارحة الناس، وأن يكون شرحها مبسطا يفهمه رجل الشارع العادي، وأن تعلن استراتيجيتها للحد من حالة انهيار الجنيه ومتى يمكن أن يستعيد عافيته أمام العملات الأخرى، وعلى الزملاء الإعلاميين في برامج التوك شو والبرامج المتخصصة وحتى البرامج التي تشترى هواء في قنوات بير السلم، عليها الاستعانة بخبراء حقيقيين لتحليل الأزمة الاقتصادية وأن يناقشوهم في أراءهم بصورة مهنية.
والأهم أن الهيئات الاقتصادية غير الحكومية من أول الجمعية الملكية للاقتصاد السياسي، وحتى جمعيات واتحادات رجال الأعمال، استدعاء الخبرات التي لديها وعقد ورش تفكير وورش عمل لإعانة الحكومة على الخروج من هذه الأزمة التي تشير كل الدلائل إلى أنها ستطول وفق ما بشرنا به خبراء التوك شو.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية