يستضيف ملتقى الشربيني الثقافي في السادسة مساء السبت المقبل (18مارس الجاري) نخبة كبيرة من الاعلاميين واساتذة مهنة الصحافة والاعلام ، في أمسية ثقافية فنية بامتياز ،خصصها لمناقشة قضية الساعة في مصر وهي قضية صعود وتراجع الصحافة العربية وفي القلب منها الصحافة المصرية .تكتسب الأمسية زخمها وأهميتها من كونها تعقد في اليوم التالي مباشرة لانتهاء الجولة الاولى من انتخابات نقابة الصحفيين المصرية ، حيث يشارك فيها كبار الصحفيين المصريين ، وصناع الصحف في مصر والدول العربية وفي مقدمتهم الصحافي يحيي حمزة نائب رئيس التحرير في جريدة الأنباء الكويتية بعد حرب تحرير الكويت ومدير تحريرها قبل الغزو العراقي والمعروف بأنه صاحب العصر الذهبي للأنباء الكويتية والملقب بالأب الروحي للصحيفة وصحافييها خلال مسيرته الممتده من الثمانينات – بدأها من صحيفة القبس المنافسة – وحتي منتصف التسعينات ، حينما أجبرته عيناه المنهكتان بفعل العمل الدؤوب والمستمر لاكثر من ١٦ ساعه يوميا على التخلي عن موقعه والعودة الى القاهرة ، بعد أن قضي فترة علاج شاقة في باريس . تقام الامسية في المقر الثاني للملتقى في القاهرة، بقاعة هيئة خريجي الجامعات ١١ش الالفي ، ويتحدث فيها عن تجربته في صعود وازدهار الصحيفة الاكبر في الكويت، أثناء رئاسته لتحريرها الصحافي المصري يحيي حمزة ( المعروف في الكويت بأبي حاتم) والذي تم تكريمه اكثر من مرة في دولة الكويت ومن جريدة الانباء الكويتية . وخلال الأمسية يجري تكريم غير مسبوق هو الاول من نوعه في القاهرة ليحيي حمزة ، فعلى الرغم من أن كثيرا من تلامذته وزملائه الذين عملوا معه وعرفوه عن قرب ، تاقوا الى التعبير عن عرفانهم ومحبتهم له ، لكن تفرق السبل بين الجميع واغلاق الانباء لمكتبها بالقاهرة ،ضمن مكاتب اخري عديدة ، ساهم في عدم تعبيرهم عن تقديرهم ليحيي حمزة كما يليق بمسيرته كصانع صحف وأيقونة صحفية لجريدة الانباء الكويتية والعاملين بها.
سيرة وتحية
مسيرة يحيي حمزة التى بدأت بعد سفره إلى الكويت ، قادما من تجربة سياسية عريضة نضجت في منظمة الشباب ، ولمعت في القبس الكويتية ، حيث توج فترة عمله فيها بحوار مهم مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ، وذلك في فترة السبعينات حيث خرج هيكل مستقيلا من الاهرام عام ١٩٧٤، وقد اشار الاستاذ هيكل لهذا الحوار في كتابه أحاديث في العاصفة ، كما يذكر الاستاذ يحيي ، مضيفًا ان الحوار رغم أهميته ،بدليل توثيقه من الاستاذ هيكل نفسه ، نشر مبتورا !
مضت مسيرة الصحافة العربية بأجنحة محلقة في صحافة الخليج ، تتقدمها الانباء الكويتية زمن يحيي حمزة ، والوطن الكويتية ( زمن محمود المراغي ) والشرق الاوسط السعودية ، والحياة اللندنية (هشام على حافظ) والشرق القطرية ( حامد عز الدين) والاتحاد الظبيانية( زمن مصطفي شردي) والخليج الشارقية (بعد افتتاح مكتبها في القاهرة بادراة تحرير الكاتب الكبير احمد الجمال) وكانت المنافسة ضارية، لكن الانباء ويحيي حمزة استعدا لها بمكتب مهم في القاهرة ، أسندت ادارته الى معلَِم هو جميل الباجوري رحمه الله، وقد فتح المكتب أبوابه أمام جميع الصحفيين لينشروا خبطاتهم وموضوعاتهم المبتكرة ، مع منحهم مقابل مالي محترم ، كان يساهم كثيرا في تحقيق طموحات الصحفيين المالية ، خصوصا ان الصحف المصرية لم تكن تدفع كثيرا ، بل كان رؤساء التحرير يقترون على المحررين ، حتى أن رئيسا لتحرير مطبوعة مصرية كان يقول لمحرريه المُجِّدين ” اصرف على الصحافة تصرف عليك”، ومن هنا برع الكثير من المحررين الذين عملوا في المكاتب العربية وأجادوا علي صفحات صحفها ، وكذلك على صفحات صحفهم المصرية ، ومن ثم بدا تأثير الصحافة العربية واضحا على النهضة الصحفية في مصر ، التى كان نجومها الكبار يكتبون على صفحات الصحف العربية تلك ويتقاضون المقابل بالدولار ..وعرف الكتاب والصحفيين من أمثال يوسف ادريس و رؤوف توفيق ومفيد فوزي و عادل حمودة وشفيق احمد على ومجدي مهنا ورؤوف عياد وغيرهم كثيرون طريقهم إلى النشر في هذه الصحف .. واستتكتب يحيي حمزة كبار الروائيين مثل فتحي غانم الذي نشر رواية ست الحسن على صفحات الانباء، وقدم صالح مرسي الهجان للانباء، فتخاطف القراء الصحيفة ، واضافة الى ذلك كان يستكتب محمود عوض ولطفي الخولي واحمد حمروش وغيرهم. ونشر لمحرري مكتب الانباء حواراتهم مع ثواريوليو ومع قادة فتح ومع اليسار ويمين والوسط في توليفة مهنية كانت مبتكرة، ويستهلها دوما بحلول شهر رمضان فيقدم وليمة صحفية متكاملة لقاريء الأنباء .
حمزة وفضيلة العمل الجماعي
كان من ابرز سمات العمل مع يحيي حمزة تقديس العمل الجماعي ، وفرض فكره الصحفي ايضا اعتماد تقليد مهم ، حيث جعل الصحفي الذي كان اسمه لا ينشر أحيانا مع موضوعه في بلده الأم ، يشعر بالزهو ليس لنشر اسمه فقط في قلب الحوار وبفونط مقروء ، وانما لوجود صورته أيضا مع المصادر التي يتحدث اليها ، فقد كان المحرر يصطحب المصور معه في لقاءاته وجولاته الصحفية، وهو تقليد لم يكن معمولا مع كل الصحفيين العاملين في الصحف المصرية ، وكان يحيي حمزة يُخَدِّم على موضوعات الصحفيين بتكليف ابرز المخرجين لاخراج موضوعاتهم التي كان يقدر بحدسه ان لها انعكاساتها وتاثيرها الصحفي في الشارع العربي، ولم يكن. يضن علي هذه الموضوعات بنشر اشارات عنها على الصفحة الأولى ، فضلا عن ذلك فانه كان أسبق من الشرق الاوسط في اعتبار الصفحة الاخيرة في أهمية الصفحة الأولي ، فلجأ الى فكرة مبتكرة وهي نشر الاشارات والتنويهات عن خبطات الأنباء القادمة علي الصفحة الاخيرة، ما يعني أن الرجل كان موهوبا في صناعة الصحف وابتكار كل ماهو جديد، بجانب انه يهتم كثيرا بطاقم العمل المشارك معه فيختار عناصر ويوزع عليها المسؤليات فتشعر مع الوقت انها جزء اساسي من الصحيفة والعمل المسؤول.
إدارة كتيبة الصحفيين.. وابتكار الملاحق اليومية
اتاح يحيي حمزة الفرصة لانطلاق كتبية الصحفيين مقدرا جهود كل منهم وقدراته ، فهذا لديه علاقات يمكن استغلالها ، ومن ثم يساعدهم من خلال تزويدهم يحتاجونه في عملهم ، فمنهم من يكتب له الاسئلة وتقدم له المعلومات ومنهم من يؤخذ موضوعه الى محرر الصياغة ليحول فسيخه إلى شربات ..وهكذا يعرف تماما كيف يستفيد حتى من محرر الاعلانات .كما ابتكر يحيي حمزة سلسلة من الملاحق اليومية لتكون إضافة للصحيفة ، وكان بعض الملاحق سببا في زيادة توزيع الصحيفة وبلغت قوة بعضها في تفوقها احيانا على الصحيفة الام التي كانت تحاول ان تغطى كل ماهو محلي في الشارع الكويتي ، في حين كان للملاحق مثل وراء الانباء وانباء الجريمة وملحق الايمان تروي نهم القاريء العربي من كل الجنسيات ، المقيمة داخل الكويت.
يحيي حمزة قبل الغزو وبعد التحرير
ظل يحيي حمزة يلعب مهنة الصحافة باقتدار ، حتي استيقظ ذات يوم وكل الموجودين على ارض الكويت صباح يوم ٢-٨-١٩٩٠ باجتياح العراق للكويت زمن الرئيس الراحل صدام حسين، وحاول حمزة البقاء داخل الجريدة والحيلولة دون سرقتها وسرقة مطبعتها وان هي الا ايام حتي قفل عائدا الى القاهرة ليقود اصدار الانباء يوميا بصفحات محدودة من داخل جريدة الأهرام . وبعد التحرير عاد مع كتبيته المقاومة ليعيد اصدار الانباء من جديد. من الكويت ، في ظروف كانت صعبة ومستحيلة ، حيث فقدت الأنباء بسبب الغزو مطبعتها وارشيفها وصورها واجهزتها وكوادرها لكون العدوان العراقي نقل كل هذه الامكانيات إلى العراق . وهكذا صدرت كل الصحف الكويتية من جديد مضافااليها صحيفة صوت الكويت ، بينما تاخرت الانباء ، وبالتالى كان التهديد هو ان تفقد قرائها ، لكن يحيي حمزه استعد لكسر كل الاثقال والاغلال التي كبلت الصحيفة ، بما فيها التكبيل الذي اقدمت عليه ادارة شركة الانباء للصحافة ، بزيادة سعر البيع ، وهو مااستشعر تحديه ابوحاتم فكان ان اجتمع إلى أركان العمل الصحيفة ، وقال لهم قولته الشهيرة “انا ضهري للحيطة “، مشددًا على أنه لاتراجع عن فكرة التقدم مجددًا الى المركز الاول رغم هذه القيود والاثقال وكأن يحيي حمزة يقول لزملائه قولة طارق بن زياد العدو امامكم والبحر من خلفكم فإما النصر أوالشهادة .وان هي الا اشهر معدودات حتي اعلنت مراكز التدقيق في الانتشار عن احتلال الانباء لمركزها المفضل من جديد .
في السنوات الاولى من العقد التاسع من القرن العشرين ، وكان يحيي كلف بالعمل نائبا لرئيس التحرير ( وقتذاك كانت بيبي المرزوق هى رئيس التحرير)، ومع دوام عمل واداء يحيي بنفس الوتيرة ، انهكت عيناه انهاكا شديدا استدعي سفره الى باريس للعلاج ، مرتين ، لكن هذا الانهاك عجل بعودته الى القاهرة ، وإن بقي بمنزلة الاب الروحي للانباء ، وكاتبًا لافتتاحياتها الخاصة والصعبة للغاية.
وسوف يلتقى الاستاذ يحيي خلال الامسية كل من عرفوه وزاملوه وتتلمذوا على يديه ،سواء من صحفيي جريدة الانباء فى المركز الرئيسي ،أو فى مكتب القاهرة، وسيقدم ملتقى الشربيني درعا تذكارية وشهادة تقدير بهذه المناسبة عرفانا وتكريما لعطاء يحيي حمزه الصحفي والانساني ، وسيشارك في الأمسية معه كلا من الدكتور أيمن ندا أستاذالاعلام بجامعة القاهرة والكتاب والصحفيون نبيل عمر مدير تحرير الاهرام ونصرالقفاص نائب رئيس تحرير الأهرام ود.محمود عطية مدير تحرير الاخبار وأسامة الدليل نائب رئيس تحرير الاهرام العربي ومحمد حسن الألفى الكاتب الصحفي.
كما سيحيي الليلة فنيا وموسيقيا زميلنا الصحفي بالقسم الاقتصادي بجريدة الأنباء سابقا والمستشار الاعلامي والملحن والموهوب احمد سمير الذي سيقدم مجموعة من اعماله ومن بينها اغنية حبوا بعض التي سيهديها للاستاذ يحيي.
كما يفاجئ الفنان السوري الكبير المهاجر الى بلجيكا والمقيم في مصر حاليًا صافي الصافي الجمهور بمجموعة من” القدود الحلبية “التي تأخذ بألباب المستمعين .. وذلك في اطلالته الثانية على جمهور الملتقى خلال اقل من شهرين .
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية