تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية تدفع في اتجاه إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة بما يخدم مصالح الدول والشعوب.. اليوم نستطيع أن نقول إن المنطقة تشهد ميلادا جديدا تسير فيه نحو شرق أوسط جديد.. ليس على غرار شرق أوسط كونداليزا رايس.. لكنة شرق أوسط يودع الصراعات والخلافات ويحاول أن يتجاوز مرحلة السقوط والفوضى التي أحدثتها السياسة الأمريكية على مدار العشرين عاما الماضية.
إنه شرق أوسط يعتمد على سعي الدول للدخول في تحالفات وتكتلات سياسية واقتصادية جديدة تدفع نحو الاستقرار وتحقيق مصالح شعوبها.. تأتي هذه التحولات بعد أن أدركت دول المنطقة بأسرها سواء على مستوى القادة أو الشعوب أن الشرق الأوسط الجديد الذي خططت له الولايات المتحدة وحلفائها وبشرونا به كان مخطط للهدم والسقوط.. وليس العكس.
الخريطة يعاد تشكيلها من جديد وسط تحولات كبيرة في السياسات والتحالفات.. في قلب المنطقة نجد تحولات في السياسة المصرية دفعت نحو علاقات طبيعية مع تركيا بعد عودة العلاقات الدبلوماسية وعزم الرئيس على زيارة أنقرة خلال أيام.
كما شهدت العلاقات المصرية القطرية تقدما كبيرا بعد فترة طويلة من التوتر.. ويواصل محور القاهرة الرياض لعب دور رئيسي في المنطقة بعلاقات تاريخية ضاربة بأعماقها في جذور التاريخ.. وتسير العلاقات المصرية الإماراتية نحو مستوى غير مسبوق من التكامل والتنسيق على مختلف المستويات.. كما تحافظ مصر على علاقات متوازنة مع مختلف القوى.
وعلى الجانب الآخر فاجأت السعودية العالم بتسوية الخلافات مع إيران بوساطة صينية وعادت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وسط ترحيب عربي.. واستضافت الرياض قمة عربية بحضور الرئيس السوري بشار الأسد.. وبدأت مرحلة الهدوء في سوريا ولبنان واليمن وسط تفاؤل بتسويات شاملة لمختلف الملفات.
كما استضافت الرياض ثلاث قمم مع الصين في زيارة تاريخية للرئيس الصيني شملت قمة سعودية صينية وخليجية صينية وعربية صينية.. وفي نفس الوقت تنطلق المملكة لتلعب دورا رئيسيا بين دول مجموعة العشرين وفي منظمة أوبك بلس وذلك وسط علاقات متوازنة مع الصين وأمريكا وروسيا والهند وتسعى للانضمام لمجموعة بريكس.
ومن أبرز التحولات زيارة الرئيس التركي أردوغان الأيام الماضية لمنطقة الخليج في زيارة غير عادية لثلاث دول شهدت توقيع اتفاقيات في المجال العسكري والاقتصادي مع السعودية واتفاقيات أخرى مع الإمارات بإجمالي 50 مليار دولار.
كل هذا بجانب التكتلات الجديدة التي بدأت تظهر على الساحة وأغلبها بهدف اقتصادي ومثال على ذلك.. قمة دول الخليج مع دول آسيا الوسطى التي استضافتها الرياض الأيام الماضية والتي شهدت ميلاد تكتل اقتصادي في مجال الطاقة والنقل.
كلنا أمل في أن يستمر هذا الزخم وتشهد المنطقة مزيدا من الاستقرار والتقدم ومداواة للجراح التي أحدثتها مرحلة الثورات التي هدمت بعض الدول وشردت شعوبها.
كلنا أمل في أن نودع مرحلة صعبة عانت فيها شعوب المنطقة من ويلات الحروب الثورات.. كلنا أمل في أن يهدأ المتربصون بنا ويعلموا أن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود إلى الوراء.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية