التجربة التي يجرى تطبيقها حاليا في الأزهر تذكرني بتجربة الدكتور كمال الجنزوري رحمة الله عليه عندما تولى رئاسة الحكومه وقد كنت معاصرا لتلك الفترة الذهبية كمحررا لشئون مجلس الوزراء بجريدة الوفد، وتعيد إلى الأذهان ما فعله الوزير المحترم سامح فهمي وزير البترول الأسبق الذي حول وزارة البترول في عهده إلى أكبر مدرسة لصنع الكوادر والقيادات في مصر وهي المدرسة التي أمدت البلاد بقيادات ناجحة تدرجت في مختلف المناصب وكان من بينهم من وصل إلى رئاسة الحكومه.
ما يفعله الآن الدكتور أحمد الطيب في الأزهر يشبه إلى حد بعيد ما فعله في الماضي الجنزوري وسامح فهمي.. هي تجربة تحتاج إلى قدر من الحماس والشجاعة والقناعة بضرورة تجديد الدماء خاصة في المناصب التي تكون خارج دائرة منصب رئيس الوزراء والوزراء وكبار المسئولين.. تخطو جامعة الأزهر إلى عدم المد والدفع بقيادات جديدة في مختلف المناصب بدءا من رئيس الجامعة ونوابه مرورا بالعمداء وانتهاءا بكبار الموظفين.
خرج الدكتور محمد المحرصاوي بعد انتهاء فترة رئاسته والتي بذل خلالها مجهودات كبيرة ليتولى الدكتور سلامة داود رئاسة الجامعة خلفا له، والذي بدأت بصماته تظهر سريعا.. فمثلا أرسى الرجل قاعدة جديدة غير موجودة في الجامعات المصرية جميعها وهي فتح باب مكتب رئيس الجامعة أمام أعضاء هيئة التدريس يستمع إليهم ويعمل على حل مشاكلهم.. وهي قاعدة إنسانية في المقام الأول.
فقد أيقن الرجل أنه أستاذ أولا وأخيرا، وأن المنصب لا يدوم، وأن هذا من حق زملائه الأساتذة عليه وجزء من واجباته.. واعتقد أن رئيس الجامعة أدرك ذلك عندما كان أستاذا في جامعة أم القرى.. فقد فوجئت باستيراتيجية راسخة في الجامعات السعودية وهي قيام رئيس الجامعه بتحديد موعد أسبوعي ثابت يستقبل فيه أعضاء هيئة التدريس وهو موعد مقدس لا يمكن إلغائة.
سياسة الأبواب المغلقة تكشف عن ضعف ولا يجب أن تكون موجودة في الحرم الجامعي، وسياسة الباب المفتوح تؤكد قوة الشخصية واحترام الآخر واستشعار واجب مقدس تجاه الزملاء.
ومن منصب رئيس الجامعة إلى منصب النائب لفرع بحري.. فقد خرج الدكتور محمد الأمير بعد أن أدى واجبه وتولى الدكتور محمد فكري الأستاذ بكلية طب الأسنان والنائب لفرع البنات الإشراف على الفرع، ويتطلع قطاع بحري إلى تجربة فريدة مع القيادة الجديدة فهو الأنسب لهذا المكان لما يتميز به من خبرة كبيرة في الإدارة الميدانية، فقد قالوا عنه أنه يتابع العمل عن قرب وأيضا قريب من الطلبة، وهو يهتم بعنصر التدريب والتحول الرقمي والبحث العلمي، وربما يرجع ذلك إلى احتكاكه بالجامعات الأوروبية وحصوله على الدكتوراه من سويسرا.
وإذا كانت التجربه قد نجحت على مستوي القيادات العليا فإنها تحتاج إلى خطوات أخري إضافيه على مستوي العمداء خاصة في كليات البنات.. فقد شهدت التجربة خروج كفاءات ودخول قيادات أخرى دون المستوى وهو ما أثر على الآداء داخل بعض الكليات.
إنتى أقترح على الإمام الأكبر وعلى رئيس الجامعة ضرورة إنشاء أكاديمية داخل الجامعة تتولى تأهيل القيادات الجامعية بداية من منصب رئيس القسم وحتى العميد ويكون اجتياز الدورات شرط لتولى المنصب.
إن التجربه جديرة بالمتابعة والتقييم ونتمنى لها النجاح.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية