سألتني فتاة جامعية صاحبة ثقافة فيسبوكية -مغلوطة- في كافة المجالات كونت بناء عليها آراء غير صحيحة لكنها في أعماقها راسخة وعلى استعداد تام للدفاع عنها والتحيز لها بكل قوة، إلا أن لحظات من الشك في دقة المعلومات جعلتها تباغتني بأسئلة نارية مستغلة ما يدور في المنطقة من أحداث لتستند في معلوماتها على مصادر من التواصل الاجتماعي، هدفها الأول والأخير التأثير السلبي على عقل الجيل والتلاعب في الحقائق التاريخية وتغيير المفاهيم الثابتة والمؤكدة بأخرى ملفقة ولا تمت للحقيقة بصلة، لكنها تمهد أجيالا كاملة لخلط الأوراق والتنازل عن الثوابت.
البداية كانت عجيبة حقا عندما بادرتني متسائلة: ألم نتعلم الدرس من هزيمتنا في حرب أكتوبر 1973، وانتصار الإسرائيليين علينا؟
قلت: هذه معلومة خاطئة وغير دقيقة وغير صحيحة، فقواتنا المسلحة عبرت قناة السويس وحطمت خط بارليف وأعادت الأرض التي سلبت منا في هزيمة 1967، وما تبقى منها استعدناه بالسلام.
قالت: الحقيقة أن هناك حملات كثيرة على التواصل الاجتماعي عن تزييف الحقائق وتغيير المفاهيم لأهداف أكبر من استيعابنا مما يصيبنا بالبلبلة.
قلت: وماذا يا ابنتي؟ قالت: فلسطين هل هي عربية أم أنها أرض اليهود وهذا حقهم في العودة إليها وهم أبرياء مسالمون ونحن العرب من يهاجمهم ويقلق راحتهم؟
قلت: يا ابنتي من علمكِ هذا؟ قالت: التواصل الاجتماعي.
قلت: إنه خداع وتدليس، ففلسطين عربية وبها هبط الأنبياء ومنها أسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي مهد عيسى عليه السلام، وبها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، واليهود زرعهم فيها وعد بلفور المشئوم وجاءت اتفاقية سايكس بيكو لتكمل ما تبقى، وما يرتكبه اليهود مجازر حرب وإبادة جماعية ضد شعب أعزل تستحق تكتل العالم أجمع للتصدي له.
قالت: وماذا عن الرئيس مرسى؟ يقولون إنه كان إصلاحيا كبيرا ولو تركناه لكانت أمورنا أفضل، أجبت: يبدو أنك كنت ضحية كتائب الإخوان النشطة، فما دمره الإخوان في عام يحتاج 60 عامًا لإعادته، وما تشهده المنطقة من ويلات منذ هذا العام البائس حصاد مر مجبرون عليه ونجانا الله منه.
ولم تكتف الفتاة التي سيطرت الثقافة الفيسبوكية على رأسها بهذه الأسئلة، بل واصلت بأسئلة متتالية وسريعة ومتفرقة وكل منها قنبلة موقوتة، بل قنبلة نووية لتتحدث في كل شيء حتى الأديان ومن صح ومن خطأ والجنة والنار والثوابت والإيمان.
ولا أخفيكم سرا أنه على الرغم من أنها أرهقتني كثيرا إلا أن مصيبتي كانت أكبر لأن هناك من يعمل في الخفاء ويستخدم الوسائل التكنولوجية الحديثة في تغيير المفاهيم والواقع لأهداف بعيدة المدى، إنها قوة ناعمة لكنها سرطان مميت ينخر في جسد أولادنا وشبابنا، ونحن نلهث وراء لقمة العيش وقسوة الحياة.
ورغم وعدها لي أنها سوف تستقى معلوماتها من مصادر موثوقة وأنها سوف تلجأ لي في كل القضايا التي تشغل رأسها لأصحح لها المفاهيم الخاطئة، إلا أنها دحرجت قنبلة اللوم والعتاب على كاهلي مؤكدة أننا السبب لأننا قطعنا حبال التواصل مع الأجيال المتلاحقة وتركناهم فريسة لوسائل التواصل بلا رقابة ومتابعة، وأن المناهج التعليمية أصبحت خالية الدسم من الوطنية.
وعلى الرغم من أن هناك بعضًا من هذه الأجيال ثوري وغيور على بلاده ووطنه ويستقى المعلومات من مصادرها الحقيقية، ويرى أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، إلا أن البعض الآخر يتبع مدرسة اسأل الفيسبوك، ولا يبالي بدقة وصحة المعلومات على الرغم من نتائجها الكارثية، ويبقى هدفا مباشرا لأصحاب القوى الناعمة الخبيثة ليحدثوا ثقوبا في عقول أجيال كاملة نتيجتها مستقبلا مشوهة.
ومن هنا وحتى لا أتحمل وحدي المسؤولية فإنني أنقل لكل من يهمه الأمر صرخة جيل بل أجيال كاملة لعلها تجد عقولًا واعية تدرك مدى هذه الكارثة.
والآن لله ومن أجل أولادكم ومن أجل بلادنا ووطننا العربي، علموا أولادكم:
- أن فلسطين دولة إسلامية عربية محتلة، وأن القدس عاصمتها الأبدية، وأن المسجد الأقصى أسير، والكيان الصهيوني عدو.
- أن اليهود مغتصبون للأرض وأنهم يرتكبون جرائم حرب ضد أشقائنا الفلسطينيين.
- أن حرب أكتوبر كانت نصرًا وعزة وكرامة أعادت الأرض وصانت العرض وحمت البلاد والوطن العربي من عدو غاشم.
- أن أمتنا العربية صاحبة تاريخ وحضارة وأننا أول من علم العالم فنون الكتابة والطب والهندسة والفلك والطيران، وأننا شعوب مُحبة للسلام، نرفض العنف والكراهية.
- أن أجندة الإخوان والجماعة المحظورة وباء وخطر يهدد الأوطان.
- أن الدين لله والوطن للجميع.
- أن وطننا ليس أرضا نعيش ونحيا عليها بل هو وطن يسكن فينا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية