أعلن الحوثيون منذ عدة أيام اختطاف سفينة مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي في عرض البحر الأحمر، وقد أطلق الحوثيين على مهمة الاختطاف.. «عملية عسكرية في البحر الأحمر كان من نتائجها الاستيلاء على سفينة إسرائيلية واقتيادها إلى الساحل اليمني»!!
الجيش الإسرائيلي نفى أن تكون السفينة التي احتُجزت إسرائيلية، وقال إنها «غادرت تركيا في طريقها إلى الهند وأفراد طاقمها مدنيون من جنسيات مختلفة وليس بينهم إسرائيليون.. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي «إنها ليست سفينة إسرائيلية».
لكن شركة «أمبري» للأمن البحري أكدت أن «المجموعة المالكة لحاملة المركبات مسجلة باسم راي كار كاريرز. والشركة الأم لهذه المجموعة مدرجة باسم أبراهام رامي أونغار، ومقرها إسرائيل».
ورغم نفي إسرائيل وجود علاقة بينها وبين السفينة سواء علاقة ملكية أو تبعية أو حتى ملكية السفينة لرجل أعمال إسرائيلي، إلا أننا يمكن أن نربط بين هذه الواقعة وبين دولتين.. «إسرائيل وإيران».. فالأولى تشعل المنطقة بحرب بشعة وغير منطقية وغير مقبولة من كل البلدان المُحيطة، وسوف تخرج إسرائيل من هذه الحرب وقد كسبت كراهية تفوق أي وقت مضى من شعوب لا تعرف منذ ميلادها سوى أن إسرائيل عدو كامن لا يريد بأي بلد عربي خيراً.. هذه هي الحقيقة التي لن تغيرها الأيام طالما استمرت إسرائيل في العدوان على البلدان المجاورة بالسلاح أو بغيره لتدمير كل جيرانها لتعيش هي.. دون أن نجد من بين قادتها رجل رشيد يقول فلنبدأ سلاماً حقيقياً.. فتنسحب من كل الأراضي العربية المحتلة.. وتقبل بحل الدولتين.. وتعيش في سلام الجوار.. عندها سيقبل الجميع العيش في سلام.. ولكن الدولة القائمة على سرقة أراضي الغير لا تقبل إلا الدم مساراً لكتابة تاريخها القائم على القتل والوأد ودفن أصحاب الأرض الأصليين أحياء.. (في قلب الرمال تارة.. وتحت الأنقاض تارة أخرى)!!
الحوثيون برروا اختطافهم للسفينة بأنه عمل مشروع من أعمال المقاومة في مواجهة إسرائيل التي تقتل الأبرياء في غزة!!
وقال أحد قادة الحوثيين العسكريين أنهم يجددون تحذيرهم «لكافة السفن التابعة للعدوِ الإسرائيلي أو التي تتعامل معه بأنها سوف تصبح هدفا مشروعاً».
هذه العملية تقودنا إلى الحديث عن الدولة الثانية وهي إيران التي تخشى الولايات المتحدة دخولها في أتون الصراع الدائر الآن بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.. ولكنها دخلت بالفعل للمنطقة.. ليس عبر اختطاف الحوثيين التابعين لإيران للسفينة فقط، ولكن منذ قام الحوثيون بإطلاق صاروخ بعيد المدى بمحاذاة البحر الأحمر في اتجاه تل أبيب واعترضته أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ فسقط في مياه البحر.
وقطعاً فإن هذا الصاروخ كان مؤشراً على دخول إيران على الخط في مساحة الحرب على غزة بسبب تبعية الحوثيين لها تماماً.. وجاءت عملية اختطاف السفينة لتؤكد عملية الدخول الإيراني.. وأيضاً حزب الله التابع لإيران دخل في اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.. وكذلك في سوريا قامت مجموعات مُسلحة يُرجح تبعيتها لإيران بالاشتباك مع قوات إسرائيلية على الحدود!!
إذن إيران دخلت الحرب – عبر قوات تابعة لها في اليمن ولبنان وسوريا -ولا يوجد شك في ذلك.
هذا التمهيد يقودنا للحديث عن موقفين أيضاً لبلدين مهمين في تغيير دفة الصراع هما «مصر والولايات المتحدة».. مصر حذرت عبر رسائل مهمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي من خطورة امتداد الحرب على غزة إلى مناطق أخرى وتحول ما تقوم به إسرائيل من «القضاء على حماس» إلى «حرب إقليمية واسعة» ورغم هذا التحذير لم تتوقف إسرائيل ولم يستمع أحد للتنبيه الذي كان مُصدره على علم بتفاصيل كثيرة تدور في المنطقة.
ولكن الولايات المتحدة بإدارتها الحالية لم تكن تريد سماع إلا صوت نتنياهو الذي قال للرئيس الأمريكي جو بايدن أنه سوف يحرر الرهائن ويقضي على حماس تماماً خلال أسابيع.. وبعدما مرت خمسة وأربعون يوماً لم يعرف رئيس الوزراء الإسرائيلي، حتى الآن، مكان الرهائن ولم يتمكن من القضاء على حماس.. ولكنه نجح فقط في إدخال إيران في المعادلة بما يُهدد المنطقة بحرب إقليمية.. لتتحقق رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي التي قالها في بداية الأزمة.
إذا لم توقف إسرائيل هذه الحرب المجنونة على غزة سيسقط مزيد من الأبرياء.. وستتسع مساحة الصراع.. وسيغيب الحل السياسي الذي ترفضه إسرائيل دوماً وسيكون الرأي للسلاح.. وستزيد شوكة الإرهاب الناتج عن وجود فوضى لن يسيطر عليها أحد.
إذا أرادت الولايات المتحدة سلاماً دائماً يجب أن يكون سلاماً عادلاً.. وهذا السلام ليس له سوى عنوان واحد هو «حل الدولتين»!!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية