قام الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ أيام، بزيارة مُعسكر المنتخب الوطني لكرة القدم، قبل سفره للمشاركة في بطولة الأمم الأفريقية، منتصف الشهر الجاري.
الرئيس ذهب مُشجعًا ومُحفزًا للاعبي المنتخب الوطني، طالبًا منهم العودة للقاهرة حاملين كأس البطولة للمرة الثامنة في التاريخ، وقال لهم هذه البطولة سوف تُسعد الشعب المصري.
من أهم ما قاله الرئيس للاعبي المنتخب الوطني، إن بينهم سبعة لاعبين مُحترفين في أهم الدوريات الأوروبية وتمنى أن يزيد هذا العدد خلال السنوات المُقبلة، وقد أصاب الرئيس كبد الحقيقة، عندما أشار إلى ضرورة الاهتمام بمنظومة احتراف اللاعبين في الخارج، لأنه يمثل تطويرًا للعبة كرة القدم في مصر، كما أنه يؤدي إلى زيادة القوى الناعمة المصرية في العالم.
ما قاله الرئيس، هو بداية كي نتناقش بهدوء حول أسباب تقدم دول أفريقية كثيرة في كرة القدم نتيجة احتراف لاعبيها في أوروبا، واستمرارنا في الاعتماد على اللاعبين المحليين، وعدم قدرتنا على وضع خطة زمنية واضحة لإرسال لاعبينا – برعاية رسمية- لأكاديميات كرة القدم الخاصة بالأندية الأوربية مثلما تفعل بعض الدول الأفريقية التي كانت خلفنا بخطوات في مجال كرة القدم.
باستثناء لاعبنا الدولي، محمد صلاح، نجم نادى ليفربول الإنجليزي لا يوجد لاعب مصري لامع عالميًا، فقد جاء بعده بمسافة كبيرة مصطفى محمد في الدوري الفرنسي وعمر مرموش في الدوري الألماني.
ولا تنسَ أن محمد صلاح لاعب مكافح انطلق من نادي المقاولون العرب، بلا ضجة، ولا جمهور يسانده، حتى أصبح واحدًا من أفضل ثلاثة لاعبين في العالم طبقًا لتصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم! إذا يجب أن نسأل أنفسنا: ماذا سنفعل عقب اعتزال محمد صلاح بعد عدة سنوات؟ هل سنتراجع في مستوى أداء المنتخب الوطني؟ أم سنتمكن من تعويض غيابه في المستقبل؟
قطعًا.. الأمر يحتاج إلى خطة واستراتيجية واضحة للوصول إلى هدف يجب تحقيقه.. وهو أن يصبح لاعبو منتخب مصر الوطني لكرة القدم، جميعًا، من المحترفين في الدوريات الأوروبية، حتى نستطيع مواجهة التطور الملحوظ في مستوى كرة القدم الأفريقية، وحتى نستطيع مواكبة عمليات التدريب والتأهيل والقوة، وحتى نتخلص من فكرة فريق اللاعب الواحد.. وهذا بدوره سوف يقودنا إلى تحقيق مزايا اقتصادية مهمة، كتبت عنها في مقال سابق في نفس هذه الزاوية منذ عدة أشهر.
قارن سعر صلاح بلاعبين آخرين في أفريقيا، وهذه المقارنة سوف تفتح المجال للحديث عن مجال مهم، من مجالات الإنتاج في البلد، وجلب العملة الصعبة، وهو مجال استغلال الإمكانيات البشرية الهائلة، في مجال الاستثمار الرياضي!
للأسف مجال الرياضة في مصر يُنفق أموالًا هائلة، ولا يحقق عائدًا حقيقيًا، لأننا نتعامل مع الرياضة باعتبارها مُتعة فقط، فننفق مليارات الجنيهات سنويًا على كرة القدم، وبث مبارياتها، دون غيرها من الألعاب، ولا نحقق عائدًا، استثماريًا خارجيًا، من ورائها، ولذلك أصبح المجال الرياضي، من الصناعات، التي نكتفى خلالها، بالحديث الدعائي عن بناء الإنسان، ولكننا لا نتميز فيه، كصناعة تحقق عائدًا استثماريًا، وعملة صعبة، مثلما يحدث في كثير من بلدان العالم.. صحيح نحن في وضع رياضي أفضل خلال السنوات العشر الماضية، ولكن الميراث القديم في منظومة الرياضة المصرية، ملئ بالمعوقات ويحتاج للتفكيك عبر قرارات وتشريعات تحمى المواهب.
قطعًا.. الأمر يحتاج إلى خطة واستراتيجية واضحة للوصول إلى هدف يجب تحقيقه.. وهو أن يصبح لاعبو منتخب مصر الوطني لكرة القدم، جميعًا، من المحترفين في الدوريات الأوروبية، حتى نستطيع مواجهة التطور الملحوظ في مستوى كرة القدم الأفريقية، وحتى نستطيع مواكبة عمليات التدريب والتأهيل والقوة، وحتى نتخلص من فكرة فريق اللاعب الواحد.. وهذا بدوره سوف يقودنا إلى تحقيق مزايا اقتصادية مهمة، كتبت عنها في مقال سابق في نفس هذه الزاوية منذ عدة أشهر.
إذا تعاملنا مع كل الأنشطة الرياضية باعتبارها أنشطة اقتصادية، وقمنا بالتركيز، في الاستثمار الرياضي الشامل، سنتمكن من اكتشاف المواهب، في كل الألعاب، ليصبح عندنا لاعبون محترفون، في كل التخصصات، مثل لاعب الزمالك في كرة اليد أحمد الأحمر الذي لعب لفترة طويلة في فرنسا، ولاعب الأهلي فى كرة اليد على زين الذي تمكن من الاحتراف في برشلونة، وعاصم مرعي لاعب الزمالك في كرة السلة المحترف في تركيا، وقبلها في ألمانيا، ومثل العشرات من لاعبي كرة القدم المصريين المحترفين في أوروبا ودول الخليج!
لماذا لا يتم تأسيس هيئة استثمارية متخصصة في رعاية الرياضيين الناشئين في كافة الألعاب، وتوريدهم للخارج بعقود مدروسة، وموثقة، بحقوق رعاية تستمر لفترات طويلة لصالح الأندية الأصلية التي لعبوا بها، بدلًا من إخضاع الناشئين المصريين لابتزاز (بعض) السماسرة الذين يتاجرون في الأولاد ويحققون من ورائهم ثروات، دون تحقيق فائدة للبلد أو اللاعب، ليعود هؤلاء «الأطفال» حاملين وراء ظهورهم فشل التجربة، بسبب قلة معرفتهم بالأوضاع في الخارج، أو بسبب إخضاعهم لسخرة اللعب بمقابل، لا يتساوى مع مواهبهم، ودون معرفتهم بقوانين البلاد التي ذهبوا إليها فيسقطون في أخطاء تكلفهم مستقبلهم الرياضي!
يجب أن تكون كلمات الرئيس هي بداية العمل المُنظم لدفع لاعبينا بأسلوب علمي للاحتراف في الخارج في كل الألعاب.. نحن نستطيع تحويل الرياضة إلى استثمار بدراسات اقتصادية متخصصة في الرياضة بدلًا من عشوائية الاكتشاف، وبدائية التسويق! ونستطيع بالتخطيط أن نلحق بقطار كرة القدم في أفريقيا الذي يذهب على محطات مساوية لنا.. ونحن نستطيع أن نكون في مقدمة السباق في المستقبل.. وستكون البداية هي عودة أبطال المنتخب الوطني بكأس يضاف إلى دولاب بطولات مصر صاحبة الرقم القياسي للفوز بأمم أفريقيا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأ خبار المحلية