واجهت مصر تحديات كبيرة على مدار التاريخ الحديث، مع ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة التي سعت لفرض رؤيتها الدينية والسياسية بالقوة.
ولأن مصر تعد مركزًا حضاريًا وسياسيًا في العالم العربي والإسلامي، فقد أدركت أهمية التصدي لهذه الجماعات للحفاظ على استقرارها الداخلي ومكانتها الإقليمية.
لعب الأزهر الشريف دورًا محوريًا في مواجهة الأفكار المتطرفة منذ بدايات ظهور هذه الجماعات.
في فترة الستينيات والسبعينيات، تصاعدت أنشطة جماعات مثل «الجماعة الإسلامية» و«الإخوان المسلمين»، ما دفع الأزهر إلى إصدار العديد من الفتاوى والبيانات التي تدحض أفكار العنف والتكفير.
كما أنشأ الأزهر في السنوات الأخيرة مرصدًا عالميًا لمتابعة الفكر المتطرف وتفنيده، إضافة إلى مركز «مكافحة التطرف» الذي يعمل على نشر الخطاب الوسطي.
شهدت مصر منذ الأربعينيات مواجهات أمنية مكثفة مع الجماعات المتطرفة.
وفي الخمسينيات والستينيات، تصاعدت المواجهة مع «الإخوان المسلمين»، حيث تم تفكيك التنظيم وسجن قياداته بعد محاولتهم اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر.
وفي الثمانينيات والتسعينيات، زادت عمليات «الجماعة الإسلامية» و«الجهاد الإسلامي»، وبلغت ذروتها في اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981.
استجابت الدولة بحملات أمنية واسعة، مثل حملات التسعينيات في صعيد مصر، التي نجحت في تقويض قدرات الجماعات المسلحة،وتبنت مصر تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب والتطرف.
ومن أبرز القوانين «قانون مكافحة الإرهاب» الصادر في 2015، الذي يتيح للدولة اتخاذ إجراءات استباقية لملاحقة العناصر الإرهابية وتمويلاتهم. كما عززت الدولة مؤخرًا جهود مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالتنسيق مع المنظمات الدولية.
أدركت مصر أن مواجهة الإرهاب لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، لذا، عملت الدولة على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمناطق التي كانت تشكل بؤرًا للجماعات المتطرفة، مثل سيناء وصعيد مصر.
كما دعمت الدولة مبادرات ثقافية وفنية لتوعية الشباب بخطورة الأفكار المتطرفة، بما في ذلك إنتاج الأفلام والمسلسلات التي تسلط الضوء على هذه القضية.
حرصت مصر على التعاون مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب، وكانت شريكًا رئيسيًا في التحالفات الإقليمية والدولية.
واستضافت القاهرة العديد من المؤتمرات التي تناقش مكافحة الإرهاب، مؤكدة على أهمية تبني مقاربة شاملة تشمل التنمية الاقتصادية والتعليم ونشر الفكر الوسطي.
باختصار.. جهود مصر في التصدي للجماعات الإسلامية المتطرفة امتدت عبر العقود وتنوعت بين المواجهة الفكرية، الأمنية، القانونية، والثقافية.
وقد أثمرت هذه الجهود في الحد من تأثير هذه الجماعات على المجتمع المصري، ما جعلها نموذجًا يُحتذى به في مكافحة الإرهاب إقليميًا ودوليًا.
ومع ذلك، تظل التحديات قائمة، مما يتطلب استمرار النهج الشامل لمواجهة التطرف بجميع أشكاله.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار المحلية