منذ عقود طويلة، كانت مصر دائمًا في طليعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، مدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني ومقدمة كل ما يلزم من دعم سياسي ودبلوماسي وحتى إنساني.
ويأتي نجاح عملية تبادل الأسرى الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي كدليل جديد على هذا الدور المصري المحوري، الذي يعكس عمق العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين.
لم تكن هذه العملية لتتحقق دون الوساطة المصرية التي اتسمت بالصبر والدقة في التعامل مع جميع الأطراف المعنية.
نجحت مصر في لعب دور الوسيط النزيه الذي يحظى بثقة الجميع، مستخدمة أدواتها الدبلوماسية وخبرتها الطويلة في هذا النوع من المفاوضات الحساسة.
لقد جاءت هذه الجهود استكمالاً لمساعي القاهرة المستمرة لتهدئة الأوضاع في غزة والضفة الغربية، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.
ومن خلال هذا الإنجاز، أكدت مصر مجددًا أنها شريك استراتيجي للشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.
لم يأتِ الدور المصري الحالي في دعم فلسطين من فراغ، بل يمتد إلى عقود طويلة من الزمن. بدءًا من الدعم العسكري والسياسي في الحروب العربية الإسرائيلية، مرورًا بمفاوضات السلام، ووصولًا إلى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة الذي يعاني من حصار مستمر.
كما أن القاهرة كانت دائمًا محطة اللقاءات الفلسطينية الداخلية، حيث احتضنت محاولات المصالحة بين الفصائل المتنازعة.
تأتي عملية تبادل الأسرى لتبعث برسالة واضحة للعالم مفادها أن مصر ستظل لاعبًا رئيسيًا في القضايا الإقليمية، خاصة تلك التي تمس أمن واستقرار المنطقة.
كما أن هذا النجاح يؤكد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية سياسية بالنسبة لمصر، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية ترتبط بتاريخ طويل من النضال المشترك.
وحتى يتم استكمال جميع بنود اتفاق الهدنة بين الفصائل الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، فإن الأمر يعتمد على مجموعة من العوامل الأساسية، التي تشمل الشروط السياسية، الاقتصادية، والإنسانية.
ويمكن تلخيص المطلوب في ضوء الوساطات المصرية والدولية، في وقف التصعيد الميداني، ورفع الحصار عن غزة، وتحسين الأوضاع الإنسانية، والمضي قدمًا في مفاوضات تبادل الأسرى، حيث يمثل هذا الملف أولوية للطرفين، ضمان تحرير أكبر عدد ممكن من الأسرى الفلسطينيين مقابل الجنود الإسرائيليين المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.
الأمر يتطلب كذلك إشراف وضمانات مصرية ودولية لتنفيذ الاتفاق بشفافية، وتوفير دعم دولي وأممي لضمان تنفيذ الاتفاق ومراقبته، خاصة في ظل انعدام الثقة بين الطرفين.
والأهم هو الضغط على إسرائيل للالتزام بالشروط المتفق عليها وعدم التنصل من تعهداتها، والعمل على صياغة إطار زمني واضح يضمن تهدئة طويلة الأمد، تشمل وقف الاستيطان في الضفة الغربية، واحترام الوضع القائم في القدس.
استكمال اتفاق الهدنة ليس مجرد توقيع على ورق، بل يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الطرفين، وضمانات دولية، ودعمًا مستمرًا للشعب الفلسطيني لتخفيف معاناته وتحقيق تطلعاته المشروعة.
باختصار.. يُثبت نجاح مصر في إتمام هذه الصفقة أن الحلول السلمية والمفاوضات لا تزال ممكنة في أصعب الظروف، شريطة وجود إرادة صادقة ودور وسيط قوي مثل مصر.
ويظل الأمل معقودًا على استمرار الجهود المصرية لضمان حقوق الشعب الفلسطيني وحماية مقدساته، حتى يتحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ويُتوقع استمرار القاهرة في جهودها الدبلوماسية لتهيئة الأجواء وضمان التزام جميع الأطراف بالهدنة، بما يعكس الدور التاريخي لمصر في دعم الاستقرار الإقليمي.