مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الجاري 2025 بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، بدأ العالم يشهد فصولًا جديدة من الجدل والفوضى السياسية.
منذ لحظة توليه السلطة، لم يضيع أي وقت في إعادة صياغة السياسة الأمريكية بطريقة صدامية، جعلت العالم يقف على حافة توترات جديدة.
منذ اليوم الأول، أصدر ترامب سلسلة من القرارات التي أعادت إشعال الأزمات العالمية. أبرزها كان قراره إعادة فرض عقوبات شديدة على إيران، مما أدى إلى تصعيد جديد في منطقة الشرق الأوسط.
كما أعلن عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات دولية كبرى، مثل اتفاقية حظر الأسلحة النووية، في خطوة أثارت قلقًا عالميًا بشأن سباق تسلح جديد.
من أكثر القرارات المثيرة للجدل كانت تصريحات الرئيس الأمريكي بخصوص إمكانية ضم كندا إلى الولايات المتحدة، بزعم أن مصالح الأمن القومي الأمريكي تقتضي ذلك.
هذه التصريحات أثارت ردود فعل غاضبة من الحكومة الكندية والعالم، واعتُبرت تهديدًا خطيرًا للنظام الدولي وسيادة الدول.
وعلى الرغم من أن البعض اعتبرها مجرد مبالغةمن ترامب، إلا أن التلميحات المستمرة جعلت هذه الفكرة مصدر قلق حقيقي.
لم تسلم المكسيك من نيران تصريحات وقرارات الرئيس المنتخب، منذ عودته إلى البيت الأبيض. في إطار سياساته الصدامية، وجه تحذيرات شديدة اللهجة للمكسيك، متوعدًا باتخاذ إجراءات صارمة إذا لم تتجاوب مع مطالب واشنطن بشأن قضايا الهجرة والتجارة.
أعاد ترامب تأكيد موقفه المتشدد تجاه الهجرة غير الشرعية عبر الحدود الجنوبية، مهددًا بفرض عقوبات اقتصادية شديدة على المكسيك إذا لم تُبذل جهود أكبر لمنع تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
كما ألمح إلى إمكانية إعادة بناء أجزاء إضافية من الجدار الحدودي، واصفًا الوضع على الحدود بأنه «حالة طوارئ وطنية».
في خطوة هزت العلاقات الاقتصادية بين البلدين، طالب رئيس أمريكا بمراجعة اتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك (USMCA)، مدعيًا أن المكسيك تستفيد اقتصاديًا على حساب العمال الأمريكيين.
هدد بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات المكسيكية إذا لم توافق الحكومة المكسيكية على شروط جديدة، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية بين الجارتين.
ترامب صعّد لهجته أيضًا بشأن ملف تهريب المخدرات عبر الحدود، مشيرًا إلى أن المكسيك «لا تفعل ما يكفي» لمواجهة عصابات الجريمة المنظمة.
وهدد باستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك تصنيف هذه العصابات كمنظمات إرهابية، مما قد يفتح الباب أمام تدخل أمريكي مباشر في المكسيك.
في خطوة غير مسبوقة، أعاد ترامب طرح مقترح قديم بـ تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى دول مجاورة، وهو ما وصفه البعض بـ«تصفية القضية الفلسطينية».
هذه الخطوة زادت من تأجيج التوترات في الشرق الأوسط، حيث اعتبرتها الدول العربية تحديًا مباشرًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
القرارات الاقتصادية للرئيس الأمريكي، لم تكن أقل إثارة للجدل، حيث أعاد فرض رسوم جمركية على الصين وأوروبا بحجة حماية «الاقتصاد الأمريكي».
هذه الخطوات أثارت توترات تجارية أدت إلى تقلبات حادة في الأسواق العالمية وزيادة في معدلات التضخم، مما دفع الكثير من الدول إلى البحث عن تحالفات اقتصادية جديدة بعيدًا عن الولايات المتحدة.
في ملف السياسة الخارجية، أعاد الرئيس الأمريكي تبني خطاب التهديد ضد كوريا الشمالية، وفرض شروطًا جديدة على دول الناتو لدفع المزيد مقابل الحماية الأمريكية. كما دعم علنًا سياسات إسرائيل المثيرة للجدل في الأراضي الفلسطينية، ما زاد من التوترات في المنطقة.
فيما يخص القضايا العالمية الملحة، مثل تغير المناخ، أبدى موقفًا متجاهلًا تمامًا، معلنًا عن انسحاب بلاده من أي التزامات تجاه الحد من الانبعاثات الكربونية. هذا الموقف لقي انتقادات واسعة من قادة العالم والمنظمات البيئية، معتبرين أن الولايات المتحدة بقيادة ترامب أصبحت عقبة أمام الجهود العالمية للحفاظ على الكوكب.
قرارات الرئيس الأمريكي المنتخب، لم تقتصر على الساحة الدولية، بل أثرت أيضًا في الداخل الأمريكي. سياساته الاستفزازية عمّقت الانقسامات السياسية والاجتماعية في البلاد، وجعلت الولايات المتحدة تبدو أكثر انعزالًا على الساحة الدولية.
باختصار.. جنون ترامب في 2025 يبدو وكأنه استمرار لنهجه الأول، لكنه في ذات الوقت يضع العالم أمام مفترق طرق خطير.
هل ستتحمل الدول الأخرى هذا النهج الصدامي، أم أننا على أعتاب نظام عالمي جديد يتشكل بفعل قراراته؟
الإجابة غير واضحة بعد، لكن المؤكد أن العالم لن يكون كما كان، مع استمرار الرئيس الأمريكي في إشعال أزمات غير مسبوقة في التاريخ الحديث.