أصاب الكاتب الكبير فاروق جويدة في مقالة بالأهرام السبت الماضي والذي جاء تحت عنوان «الأخلاق قبل التعليم».. ما كتبه الكاتب الكبير يأتي في إطار علاج الأزمة التي يعيشها المجتمع من الجذور لا القشور.
صحيح أن الأزمة تفجرت بمشاجرة مدرسة كابيتال الدولية بالتجمع الأول، لكن الواقع أعمق من ذلك بكثير ويستحق وقفه عاجلة، لأن الأزمة في الحقيقة هي أزمة أخلاق ويتحمل مسئوليتها الجميع خاصه الأسرة والمدرسة.
الربط بين التغييرات الاجتماعية التي غيّرت صورة مصر في كل شيء وبين ما حدث في مدرسة التجمع والذي أشار إليه الأستاذ فاروق جويدة كان دقيقا، لكن وصفه لما حدث بأنه صورة من صور التراجع الأخلاقي والسلوكي لم يكن دقيقا.. لأن ما حدث يصل إلى حد الكارثة الأخلاقية وليس التراجع فقط.. فالأزمة لم تتوقف على الطالبات الأربعة أطراف الخناقة وأصحاب القاموس البذيء المتدني، ولكنها امتدت لتشمل أعدادا كبيرة من الطلاب والطالبات الذين حضروا المعركة من البداية حتى النهاية.
هذه الأعداد كانت كفيلة بإنهاء المعركة في حال تدخلهم تدخل ايجابي وهو ما يعني منع الاحتكاك والسيطرة على الموقف لحين حضور المسئولين، لكن ما حدث كان صادما وكاشفا لغياب دور الأسرة في تربية الأبناء.
لم يتعلم هؤلاء أن مجرد سماع هذه الألفاظ هو سلوك معيب، لم يتعلم هؤلاء أن الاكتفاء بالمشاهدة وكأنهم جماهير في حلبة مصارعة هو تصرف وضيع، لم يتعلم هؤلاء أن الانشغال بتصوير هذا المشهد المأساوي ونشره على السوشيال ميديا هو سلوك مشين لا يليق بهم.
الغريب أن غياب دور الأسرة لم يكن سابقا للأزمة فقط بل كان لاحقا لها أيضا.. ففي أعقاب «الخناقة» لم يصدر اعتذار من أي طرف ولم تتوقف المعركة بل امتدت إلى التراشق وتبادل الاتهامات على وسائل الإعلام وكأن ما حدث لم يكن كافيا.
ضاعت الأخلاق بفعل فاعل.. والفاعل هنا هي الأسرة أولا.. الأسرة التي لم تغرس في نفوس أبنائها القيم والمبادئ والأخلاق، الأسرة مسؤولة عن كل ما حدث في خناقة مدرسة التجمع.. الأسرة مسؤولة عن سلوك البنات الأربعة وعن السلوك المشين للأعداد الكبيرة من الطلاب والطالبات الذين حضروا الواقعة.