أعلنت مصر موعد القمة العربية الطارئة في 4 مارس المقبل، وسط تطورات متسارعة في المشهد الإقليمي والدولي، مما يضع هذه القمة في صدارة الأحداث السياسية العربية.
تأتي هذه القمة استجابةً للتحديات المتفاقمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأوضاع الأمنية في المنطقة، ومستقبل العلاقات العربية-العربية.
مصر دائماً ركيزة أساسية في صياغة القرارات العربية والإسلامية الكبرى، نظراً لثقلها السياسي والدبلوماسي، فضلًا عن كونها صوتًا رئيسيًا في الدفاع عن القضايا المصيرية، خاصة قضية فلسطين.
ومنذ عقود، لعبت القاهرة دور الوسيط الفاعل في النزاعات العربية، وساهمت بشكل حاسم في محاولات إحلال السلام، مع الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني.
تتمتع مصر بثقل في الشرق الأوسط والعالم، حيث تمتلك علاقات متوازنة مع القوى الدولية والإقليمية، مما يعزز دورها كوسيط موثوق في الأزمات المختلفة.
كما أنها تمتلك جيشًا قويًا واقتصادًا متناميًا، فضلًا عن إرثها الحضاري والدبلوماسي الذي يجعلها عنصر استقرار في المنطقة.
ومن هذا المنطلق، يمكن للقمة العربية الطارئة أن تشكّل فرصة لتعزيز مكانة مصر في قيادة المبادرات الإقليمية، لا سيما في القضايا الحساسة مثل أمن البحر الأحمر، والأزمات في سوريا واليمن وليبيا والسودان.
هذه القمة الاستثنائية في تلك الأوقات العصيبة التي يعيشها الشرق الأوسط، تجعل الشارع العربي يعيش حالة ترقب انتظاراً لنتائجها على أمل تحقيق تحركات حقيقية تُنهي حالة الانقسام، وتضع استراتيجيات موحدة لمواجهة التحديات المشتركة.
وعلى رأس المطالب، اتخاذ موقف عربي موحّد وأكثر قوة تجاه القضية الفلسطينية، والعمل على وقف المجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وإعادة طرح القضية في المحافل الدولية بقوة.
وفي سياق ذات صلة يراقب المجتمع الدولي القمة عن كثب، حيث تتطلع القوى الكبرى إلى معرفة ما إذا كان العرب قادرين على تجاوز خلافاتهم وإيجاد حلول لأزماتهم بأنفسهم. ومن شأن قمة قوية وفاعلة أن تعزز مكانة العرب على الساحة الدولية، وتتيح فرصًا أكبر للشراكات الاقتصادية والسياسية.
السؤال المطروح حاليًا هو هل ستنجح هذه القمة في إعادة تشكيل ميزان القوى في المنطقة، بحيث يكون للعرب تأثير أقوى على القرارات الدولية؟ إن تجاوز الخلافات وتوحيد الجهود قد يسمح بإعادة ضبط المعادلات الإقليمية والدولية بما يخدم المصالح العربية.
ومن المتوقع أن تكون الأزمات المستمرة في سوريا وليبيا والسودان واليمن من أبرز الملفات المطروحة للنقاش خلال القمة، حيث تواجه هذه الدول أوضاعًا أمنية واقتصادية متردية تتطلب حلولًا عاجلة. ومن الضروري أن يسفر الاجتماع عن قرارات فعالة تدعم استقرار هذه الدول وتساعدها على تجاوز محنتها.
السؤال الأبرز يظل حول قدرة القادة العرب على تجاوز الخلافات وتوحيد الصفوف، فالتاريخ العربي الحديث مليء بالمؤتمرات التي لم تحقق تغييرات جوهرية.
ومع ذلك، فإن المتغيرات الجيوسياسية الحالية تفرض واقعًا جديدًا قد يدفع القادة العرب إلى اتخاذ خطوات جادة نحو تعاون أعمق.
إذا ما نجحت هذه القمة في الخروج بقرارات تنفيذية ملموسة، فقد يكون لها تأثير فعلي في إعادة تشكيل خريطة التحالفات في الشرق الأوسط، وتغيير النظرة العالمية للعرب كقوة موحدة قادرة على التأثير في مجريات الأحداث.
باختصار.. تبقى الآمال معلّقة على أن تشكّل القمة العربية الطارئة فرصة حقيقية لإعادة صياغة الواقع العربي، وتحقيق وحدة الصف، ووضع خارطة طريق عملية لحل الأزمات.
فهل ستكون هذه القمة نقطة تحول حقيقية في التاريخ العربي الحديث؟ أم أنها ستكون مجرد اجتماع آخر بلا نتائج حاسمة؟ الإجابة ستكون واضحة في الأيام القادمة.