إذا أردت أن تفهم ما يصرح به ترامب بشأن تهجير سكان غزة إلى دول أخرى، فعليك بدايةً أن تدرك طبيعة تصريحاته ونهجه العام، وهو الذي يرى البعض فيه شخصية «متهورة».
لمعرفة أسلوبه في التفكير والتفاوض، يمكن الرجوع إلى كتابه المعروف «فن الصفقة»، حيث أوضح منهجيته في المفاوضات سواء بالسياسة أو التجارة، دون تمييز كبير بينهما.
استراتيجيته تعتمد على تضخيم المطالب أو الأسعار إلى مستويات خيالية لإيهام الآخرين بوجود قيمة استثنائية، ومن ثم دفعهم إلى التفاوض. فعلى سبيل المثال، إذا كان سعر شقة حقيقيًا هو مليون، يعلن أنه يريد عشرة ملايين، ما يجعل المشترين يشعرون وكأنهم حققوا صفقة رابحة إذا تمكنوا من شراء الشقة بخمسة ملايين، بينما في الحقيقة يكون قد ربح أضعاف قيمتها الأصلية.
هذا الأسلوب يعكس أسلوب هذا الرئيس الذي يتمتع بنفوذ كبير قائم على القوة العسكرية والاقتصادية.
أما بالنسبة لتصريحاته حول تهجير سكان غزة، فهي تبدو أقرب إلى طرح خيالي لا يمكن قبوله من الفلسطينيين أنفسهم ولا الدول العربية أو حتى غالبية دول العالم، سواء في الغرب أو الشرق.
ومع ذلك، فإن هذا التصريح الكاشف ليس سوى «بالونة اختبار»، الهدف منها هو الضغط على الأطراف المعنية، خاصة الدول التي تسعى للتطبيع، والتلميح بضرورة تخليهم عن أي التزام جاد بإنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة. قد يكون المقصود بالفعل هو إجهاض فكرة حل الدولتين تمامًا.
وفي الوقت الذي يرفض فيه البعض تصريحات ترامب بشكل علني ويتظاهرون ضدها ليظهروا بمظهر الأبطال في نظر مجتمعاتهم، فإنهم قد يكونون مدركين تمامًا أن هذه التصريحات ليست إلا محاولة لجس النبض، وأن مواقفهم الرافضة قد لا تتجاوز كونها استعراضات شكلية للاستهلاك المحلي.
لم نقصد أحداً