تمرّ سوريا اليوم بواحد من أكثر فصولها دموية، حيث تتواصل الجرائم بحق أبناء الشعب السوري على أيدي جماعات متطرفة يقودها أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام.
تشير التقارير الميدانية إلى أن المجازر التي ارتكبتها مجموعته بحق الطائفة العلوية تجاوزت 40 مجزرة حتى الآن، في استهداف واضح لطائفة بعينها، ضمن مخطط ممنهج للتطهير العرقي يهدف إلى تمزيق النسيج الاجتماعي السوري وتقويض أسس العيش المشترك.
الجولاني انشغل بالقصاص من السوريين وترك الجنوب مرتعًا لليهود، كما إنه لا يكتفي بسفك دماء السوريين، بل يعمل بشكل مدروس على تأجيج الفتن الطائفية وإثارة النعرات القبلية، لضرب وحدة المجتمع السوري وجعله أكثر هشاشة وانقسامًا.
وفي الوقت ذاته، يواصل تدمير مقومات الدولة من جيش وبنية تحتية، في محاولة لتحويل سوريا إلى ساحة للفوضى تسهّل تمرير مشاريع التقسيم التي تخدم مصالح القوى الخارجية.
ما يجري في سوريا ليس مجرد صراع مسلح، بل هو خطوة أساسية في تنفيذ مخطط «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يستهدف إعادة رسم خرائط المنطقة بما يخدم القوى الكبرى، من خلال تفكيك الدول القومية وتحويلها إلى كيانات صغيرة متناحرة قائمة على أسس طائفية وعرقية.
الجولاني، الذي يروّج لنفسه أمام الخارج كـ«زعيم معتدل»، يمارس داخليًا سياسة التصفية العرقية والقتل على الهوية، بينما يتجاهل تمامًا الاحتلال الإسرائيلي الذي يسرح ويمرح في الجنوب السوري دون أي مواجهة.
وسط هذه الجرائم والانتهاكات الصارخة، يبرز تساؤل ملحّ: أين جامعة الدول العربية مما يحدث في سوريا؟ كيف يمكن للمنظمة التي يفترض أنها تمثل العرب أن تلتزم الصمت حيال عمليات القتل والتشريد الجماعي، وتفكيك سوريا طائفيًا وقبليًا؟ ألا يستوجب الأمر موقفًا حازمًا لوقف هذه المجازر وإيجاد حل سياسي ينقذ ما تبقى من البلاد؟
باختصار.. لقد بات واضحًا أن الصمت الدولي والعربي تجاه ما يجري في سوريا، سواء بحق الطائفة العلوية أو أي مكوّن آخر، ليس مجرد تقاعس، بل تواطؤ ضمني يسمح باستمرار هذه الجرائم. فهل ستتحرك جامعة الدول العربية لوقف هذا النزيف، أم أنها ستظل شاهدًا أخرس على تنفيذ مخطط تقسيم سوريا، ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي يهدف إلى إنهاء مفهوم الدولة القومية وتحويل المنطقة إلى فسيفساء من الدويلات المتناحرة؟