كان يا ما كان، كانت هناك حكاية لرجل فقير شكا ضيق حاله إلى حكيم. استمع الحكيم إلى شكواه بعين العقل والحكمة، ثم قال له: «لا يليق بالإنسان العاقل أن يلوم نفسه على شيء لم يكن في وسعه تحقيقه. ربما ادخر الله لك خيرًا لم يكن في حسبانك، وربما رزقك من حيث لا تدري».
ولكي يوضح فكرته أكثر، سرد الحكيم قصة رجل فقير آخر. كان ذاك الرجل معدمًا لا يملك حتى ما يستر به جسده. اضطر يومًا إلى طلب المساعدة من أقاربه وأصدقائه، ولكنه لم يجد بينهم من يعينه. وفي أحد الأيام وبينما كان يجلس في بيته المتواضع، دخل عليه لص يبحث عن شيء ليسرقه. تفحص اللص أرجاء المنزل ولم يجد سوى بضع قطع من الخبز. قرر أخذها ووضعها على رداء معه.
انتبه الرجل الفقير لما يحدث، وقال للص الذي كان يجمع الخبز: «هذا الخبز لي، وليس لي سواه؛ كنت سأقتات به». أمسك عصا كانت بجواره وصرخ في وجه اللص، فما كان من الأخير إلا أن ترك الرداء وهرب مذعورًا، ونجا بنفسه. وبعد أن التقط الرجل الرداء وارتداه ليغطي به جسده، شعر أن تلك اللحظة كانت رحمة غير متوقعة.
اختتم الحكيم حديثه للرجل قائلاً: «هذا الرجل الفقير لم يكن ينتظر ما تأتي به الأقدار دون جهد، ولكن هذا لا يعني أن يترك الإنسان السعي والعمل لتحسين حاله. فلا ينبغي أن يعرض الناس أنفسهم لما يجلب لهم الشقاء أيضًا. كن كالحَمَامة التي على الرغم من فقدانها فراخها بالذبح تعود إلى بناء عش جديد وتفرّخ فراخًا أخرى. هكذا هي الحياة التي علينا احترام قوانينها وأخذها كما هي».
وأخيرًا قال الحكيم: «قم ولا تسأل الناس حاجتك، فإن الله قد جعل لكل شيء سببًا، ورزقك سيأتيك بالسعي والتوكل عليه».