في عالم فقدت فيه حقوق الإنسان معناها وأصبح الإنسان ذاته مجرد رقم في تقارير الأخبار، نعيش واقعًا يعرض الضحايا الفلسطينيين تحت مسمى أرقام وليس أشخاصًا بأسماء ووجوه.
في هذا العالم المنحدر أخلاقيًا، تستمر النقاشات حول الدم الفلسطيني المهدور بلا توقف، وكأن حياة الأبرياء تُختزل في سجال عقيم بين داعمي القتلة والمبررين للعدوان. مع كل قطرة دم جديدة تسفك، نجد من يتجرأ على الدفاع عن هؤلاء المجرمين الذين يحصدون أرواح الأطفال والشيوخ والنساء دون أي ذنب، بل ويطالبون بمزيد من الأسلحة الفتاكة التي تمدهم بها «سيدة العالم»، الولايات المتحدة، بحماسة.
يفتح العالم أبوابه لمخازن الشر، بينما يهدد بالويل والثبور كل من يحاول الوقوف ضد هذا الظلم الفاضح، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات تنادي بحق الأحياء في الحياة. لا موضع لصرخات الضعفاء هنا؛ فالعالم الذي تسيطر عليه القوة لا يعطي اعتبارًا لدموع الأطفال ولا آلام الأمهات، بل يسير فوق جثث الأبرياء بلا أدنى إحساس بالخجل أو تأنيب الضمير.
إنه عالم منافق ووحشي، ينغمس يومًا بعد يوم في انحطاطه، مطلقًا يد المعتدين دون أن يطلب منهم حتى التوقف عن جرائمهم.
لكن، رغم المشهد القاتم، يظل الأمل حيًا في أن الظلم مهما طال ظله له نهاية محتومة. كما أن التاريخ أثبت مرارًا أن دوام الحال من المحال، فإن ما نشهده اليوم من جرائم سيتحول يومًا إلى لعنة تطارد مرتكبيها. العدالة قد تتأخر، لكنها لا تغيب أبدًا عن موعدها.