لم تعد أزمات العالم العربي مجرد أحداث عابرة أو نزاعات سياسية، بل باتت نمطًا مستمرًا من التراجع والتشرذم، حيث تتسع رقعة الصراعات لتشمل معظم الدول العربية، ما جعل الأمة العربية ساحة لصراعات إقليمية ودولية، وتركها فريسة للضعف والتفكك.
غزة.. الجرح النازف في خاصرة الأمة
في غزة، الحصار والعدوان الإسرائيلي المتكرر يختزلان مأساة الأمة العربية بأكملها.
بين القصف والدمار، يعاني الفلسطينيون من خذلان عربي ودولي، وسط مشاريع تطبيع وتواطؤ دولي، بينما تستمر المقاومة وحدها في مواجهة الاحتلال.
سوريا.. عقد من الحرب والدمار
بعد أكثر من عشر سنوات من الحرب، لا تزال سوريا غارقة في الصراعات الداخلية والخارجية، حيث تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى.
ملايين اللاجئين، مدن مدمرة، واقتصاد منهار، كل ذلك يعكس حجم المأساة التي تعيشها البلاد، دون أي أفق لحل شامل يعيد سوريا إلى سابق عهدها.
اليمن.. حرب لا ترحم
منذ 2015، واليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث، حيث تسببت الحرب في مجاعة وكوارث صحية، بينما تستمر القوى الإقليمية والدولية في تأجيج الصراع لتحقيق مكاسبها على حساب الشعب اليمني.
الصومال.. صراع مع الفقر والإرهاب
رغم خروجه من مرحلة الحرب الأهلية، إلا أن الصومال لا يزال يعاني من الإرهاب، الفقر، والتدخلات الأجنبية، إضافة إلى موجات الجفاف المتكررة التي تقتل الآلاف جوعًا كل عام.
ليبيا.. صراع الميليشيات والانقسامات
بعد سقوط نظام القذافي، دخلت ليبيا في مرحلة من الفوضى، حيث تتصارع الميليشيات المسلحة والقوى السياسية على السلطة، وسط تدخلات خارجية حولت البلاد إلى مسرح لصراعات بالوكالة. النفط، الذي كان يومًا نعمة، أصبح سببًا للصراع، بينما الشعب الليبي يعاني من غياب الأمن والاستقرار.
السودان.. من الثورة إلى الحرب الأهلية
السودان، الذي كان يعقد عليه الأمل بعد ثورته ضد النظام السابق، دخل في حرب أهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث نزح الملايين، وتفشت المجاعة، وسط انهيار مؤسسات الدولة.
لبنان.. الانهيار الاقتصادي والسياسي
كان لبنان يومًا ما نموذجًا للحداثة والتنوع، لكنه اليوم يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وصراع سياسي لا ينتهي، وانهيار للخدمات الأساسية. الفساد المستشري، والنظام الطائفي، جعلا البلاد تعيش على حافة الانهيار، فيما يهاجر الآلاف بحثًا عن حياة كريمة.
العراق.. بين الاحتلال والطائفية والفساد
رغم مرور أكثر من عقدين على سقوط نظام صدام حسين، إلا أن العراق لم يستعد استقراره، حيث يواجه صراعات طائفية، وفسادًا سياسيًا، وتدخلات خارجية جعلته ساحة للنفوذ الإيراني والأمريكي.
الثروات النفطية لم تنعكس على حياة المواطنين، بل تحولت إلى سبب للصراعات، بينما الشعب يعاني من البطالة والفقر.
نراجع الأمة العربية يكمن خلفه العديد من الأسباب والتي تتمثل في:
التدخلات الخارجية: القوى الدولية استغلت ضعف العرب لإدارة صراعاتها في المنطقة.
الفرقة العربية: غياب الوحدة العربية جعل كل دولة تخوض صراعاتها منفردة.
الأنظمة الفاسدة: غلبت المصالح الشخصية على حساب بناء دول قوية.
التخلف العلمي والاقتصادي: غياب الاستثمار في الإنسان جعل الأمة تعتمد على الآخرين.
باختصار.. رغم كل هذا الانهيار، فإن الأمل لا يزال موجودًا، لكنه يتطلب وعيًا شعبيًا، إرادة سياسية، ووحدة عربية حقيقية. الأمة العربية تملك الموارد البشرية والطبيعية، لكن ينقصها القرار والاتحاد.
السؤال الأهم: هل ستنهض الأمة من جديد، أم أنها ستظل أسيرة للصراعات والانقسامات حتى تبتلعها الأمم الأخرى؟