محلك سرّ تعني البقاء في نفس المكان دون أي تقدم يُذكر، وهو للأسف ما ينطبق على حال بعض الأحزاب لدينا. هذه الأحزاب باتت محصورة في هذا الوضع مما أدى إلى تراجع دورها تدريجياً في الساحة السياسية، وفقدان الناس الأمل فيها. وكثير من هذه الأحزاب أضحت منشغلة بالسعي وراء مصالح شخصية إما بالتقرب من دوائر السلطة أو الارتباط بأجندات خارجية، وخاصة تلك التابعة للدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.
التغيير يتطلب جهداً حقيقياً ومشروعاً حازماً يعيد العمل السياسي إلى مساره الصحيح، وذلك عبر خطوتين أساسيتين: أولاً، إعادة هيكلة الأحزاب نفسها وتنظيمها بشكل أفضل، وثانياً، صياغة مشروع سياسي واضح تكون لديه القدرة على استعادة ثقة الناس وتلبية تطلعاتهم. ومن الضروري أن تكون قيادات هذه الأحزاب المثال والقدوة في الالتزام بالمبادئ التي تنادي بها.
لكن ما نراه اليوم في عدد كبير من الأحزاب يبدو مختلفاً تماماً. فهي أصبحت كأنها تعيش داخل فقاعة معزولة عن واقع الناس. يتحدث قادتها عن إنجازات وبطولات، بعضها صحيح وبعضها تم تضخيمه بما يتماشى مع ثقافة كل حزب. ونتيجة لذلك، تحولت هذه الأحزاب إلى كيانات هامشية لا تتجاوز حدود المسموح لها به، فاقدة لمعاني التأثير الحقيقي، مما أدى إلى انهيار الثقة بينها وبين الناس بسبب انعدام قدرتها على تحقيق التوازن بين الماضي والحاضر.
هذه هي القراءة السياسية لما يحدث اليوم على مستوى الأحزاب. ولعل أفضل رسالة يمكن تقديمها لهذه الأحزاب هي كلمات الأغنية الشهيرة: «كلمني عن بكرة وأبعد عن امبارح، بخاف من الذكرى وسهمها الجارح». فالناس لم تعد بحاجة إلى الحديث عن الذكريات والخطب القديمة؛ بل ينتظرون حلولاً حقيقية لمشاكل الحاضر والمستقبل.