فشل التعويم بعد أيام من إقراره في السيطرة على الدولار ومازالت السوق السوداء موجودة، وإرتفع سعر الدولار أمام الجنيه المصري إلى أسعار غير مسبوقة.
راهن البنك المركزي، على تثبيت سعر الجنيه أمام العملات، بعد قراره تعويم الجنيه، والذي كان يهدف للقضاء على السوق السوداء، في ظل وجود سوق موازي، إلا أن الدولار خالف التوقعات وواصل ارتفاعه الجنوني ليقترب من تخطي حاجز الـ 20 جنيهًا.
وتوقع اقتصاديون، استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار مع زيادة الطلب عليه، بعد القرارت الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا بزيادة الجمارك على بعض السلع بالإضافة إلي القيود المفروضة على تحويل العملة.
قال شريف خورشيد خبير وكبير استراتيجي أسواق المال الأمريكية، ان البنك المركزي أخطأ بقرار التعويم الكلي، وكان من المفترض ان يتم التعويم على مراحل، موضحًا، انه توقع في مايو الماضي تخطي الدولار حاجز الـ 20 جنيهًا، في ظل الأزمات التي تواجه الاقتصاد المصري، فسعر الجنيه العادل لا يمكن تحديده في الوقت الحالي لأنه يعتمد على العديد من المعطيات، فقد تتخذ الحكومة قرارا اقتصاديا يؤدي إلي ارتفاع سعر الدولار إلي 25 جنيها مثلا.
وأوضح خورشيد، ان «السوق السوداء لم تختف بعد وتترقب الموقف، فازمة الدولار مازالت قائمة، ومعظم البنوك حاليًا تشترى فقط ولا تبيع وبالتالي قد يلجأ المستورد إلي السوق السوداء».
وقال انه« في الوقت الذي حارب البنك المركزي السوق السوداء، كان هناك سوق مواز أخطر وكان السبب الرئيسي في صعود الدولار، وهي البنوك الإلكترونية، أو ما يطلق عليه «إيداع النتلر»، حيث تجرى عملية تبادل العملة عن طريق الموبايل أو الإنترنت وبطريقة سهلة وهو ما يصعب على الحكومة أو أي جهة مراقبة تلك العمليات».
وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ ONA،«إن القرارات الحكومية الأخيرة أثرت في تغير القيمة العادلة للجنيه، والتي تتحدد وفقًا للاستقرار الاقتصادي للدولة، وكذلك تصريحات المسؤولين التي تحدثت عن أننا في حالة حرب، وجعلت الدولار يتحول إلى وعاء استثماري بدلًا من السيارات والعقارات، مؤكدًا أنه في حالة الاقتصاد المصري يصعب تحديد قيمة عادلة للجنيه خاصة في ظل “شح” مصادر العملة الأجنبية، فمصر تستورد ورادات بقيمة 80 مليار دولار، ومواردها من العملة 55 مليار دولار، في حين أن الدولة تتحكم فقط في 14 مليار دولار».
وأكد النحاس، أن القرارات المتعلقة بـ «تجريم» شركات الصرافة ساهمت في “شح” العملة الأجنبية، لأنها قللت نسب المعروض منها، وبعد تعويم الجنيه، اختفى الدولار من السوق السوداء، وانتقلت المضاربات للقطاع المصرفي، فاختفى معيار العرض وساد معيار الطلب على العملة.
وحول آليات تحديد القيمة العادلة للجنيه، قال النحاس ، إن البنك المركزي هو من يستطيع تحديد القيمة العادلة للجنيه، لأنه لديه مؤشرات مختلفة متعلقة بالاقتصاد القومي والاقتصادات الخارجية والبنوك المركزية في الدول الأخرى.
وقال المحلل المالي والخبير الاقتصادي، مصطفى نمرة، إن القيمة العادلة غير ثابتة وتعتمد على أساسيات اقتصاد الدولة، فهو سعر استرشادي، وتحديد القيمة العادلة يهدف لتحديد السعر الحقيقي للعملة أو الأسهم، ولكنها لا تعبر عن الاقتصاد، لأن المؤشر الحقيقي للاقتصاد يظهر من خلال سعر صرف العملة وهو السعر الذي يتفق عليه البائع والمشتري حول قيمة الجنيه.
يذكر، ان البنك المركزي، قرر الخميس 3 نوفمبر الماضي، تحرير سعر صرف الجنيه مقابل العملات، ليتم تحديده وفقا لآليات العرض والطلب في السوق.
وقامت الحكومة، بعدد من الإجراءات الاقتصادية إلى جانب التعويم، ومنها السعي التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والإصلاحات في منظومة الدعم والضرائب، من أجل تجديد الثقة فى الاقتصاد المصرى والإصلاحات الهيكلية التى تتبناها الحكومة ودعم ميزان المدفوعات، وتحفيز الاستثمارات ودعم الميزان التجاري والخدمي، بهدف تحفيز معدلات النمو والاستثمار المباشر والوضع الاقتصادي بشكل عام، وهو ما يساعد في تحديد السعر العادل للجنيه.