حازم منير يكتب:
بعيداً عن واقعة اعتداء ضابط شرطة على عضوة بمجلس النواب داخل قسم مدينة نصر وصحة ذلك من عدمه، وما إذا كان هناك أسباب وراء الاعتداء أو أنها ادعت على الضابط ذلك أو أنه تعدى عليها بلطجة وفتونة، وما إذا كان هناك مبرر أصلاً لاعتداء شخص على آخر، يظل السؤال الجوهرى عما حدث ما زال غائباً ولم يتطرق له أحد.
ما معنى أن يتوجه نائب إلى قسم الشرطة لوجود قريب له محتجز فى اتهام محدد؟ ما معنى أن تتصل عائلة المُحتجَز بقريب لها لمجرد أنه نائب لتطلب منه التوجه للقسم لمتابعة حال ابنهم المُحتجز؟ أكثر من ذلك، لماذا لا يتجه أفراد عائلته بأنفسهم بصحبة محام لمتابعة الحالة ويفضلون استخدام نفوذ عضو العائلة؟ وزد على ذلك أن يتجه عضو البرلمان إلى القسم متصوراً أحقيته من جهة وأنه صاحب نفوذ من جهة أخرى لطلب وفرض عقد الصلح بين قريبه المتهم وبين الطرف الآخر ويُنهى الأمر ويفرج عنه قبل إحالة الأمر لسلطات التحقيق ثم يصطحبه إلى والديه بعد إنقاذه مما ارتكبه من مخالفات للقانون!!
أى نواب هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم شيوخ حارة مهمتهم عقد جلسات الصلح بين المتهمين داخل أقسام الشرطة؟ وأى مجلس نواب هذا الذى يرضى أن يتحول بعض من أعضائه من مشرّعين ومراقبين على أداء الحكومة إلى حماة لمخالفى القانون وضاغطين على السلطة التنفيذية لمنع إنفاذ القانون حتى ولو تحت مسميات مصطنعة؟ وأى برلمان هذا الذى يرضى عنه الرأى العام وبعض أعضائه يعتبرون أن جزءاً من مهامهم حماية أقربائهم والذود عنهم باعتبارهم من أصحاب الحظوة غير الجائز احتجازهم بأقسام الشرطة لاتهامهم بارتكاب جرائم أو مخالفات؟
اللافت للنظر مؤخراً هو ظاهرة استغلال النواب لصفتهم فى عرقلة القانون، فالفارق كبير بين التدخل للصلح بين قبيلتين أو عائلتين حقناً للدماء، وبين التدخل لمنع إنفاذ القانون واستخدام النفوذ لمنع تطبيق القانون على أقاربك أو أنصارك أو مريديك، وهى الحالة التى تكررت مرات عدة فى وقائع مختلفة من النواب، وآخرها قضية اعتداء كابتن حسام حسن على رقيب الشرطة بأرض استاد الإسماعيلية.
كان منطقياً فى وقت سابق ممارسة البعض هذه الأساليب حينما كانت الأوضاع متداخلة وتتيح مثل تلك التجاوزات، لكن وأنت تتعامل مع أوضاع استثنائية وتواجه إرهاباً شرساً إقليمياً ودولياً، وتصارع مؤامرات دولية على سيادتك واستقرارك، وتكافح وتقاوم الزمن لاستعادة الدولة وفرض هيبة القانون فى المجتمع، فلا بديل أمامك سوى جذب التأييد الشعبى على خلفيات عدة من أبرزها المساواة فى تطبيق القانون، ومنع المسئولين من استخدام نفوذهم فى عرقلة القانون حتى ولو بمسميات تبدو مقبولة شكلاً.
بصراحة أكثر، الشاب قريب النائب الموقر خالف القانون، وكابتن حسام حسن خالف القانون، لماذا نسعى للتصالح فى هذه الحالات ونرفض التصالح مع حالات أخرى خالفت قانون التظاهر؟ لا تحدثنى عن الفارق بين الوقائع لأن المسألة فى النهاية نفوذ، والجوهر واحد هو النفوذ لعرقلة القانون.
فى الحقيقة تعمدت ألا أتطرق إلى واقعة الاعتداء على النائبة، فهذه الوقائع تتضمن الكثير والكثير من التفاصيل التى تتطلب تحقيقاً دقيقاً من السلطات المعنية لمحاسبة من يثبت مخالفته للقانون سواء كان الضابط أو النائبة، خصوصاً أنها مسألة بالغة التعقيد كونها بين من ينتمى لسلطة إصدار القانون وبين من يقوم بإنفاذ القانون وتحقق بها النيابة العامة.
حاصروا محاولات استغلال النفوذ.