بقلم – محمود بسيوني
أثلج خبر إعدام الإرهابى عادل حبارة قلوب المصريين ، وحصل أهالي ضحايا مذبحة رفح الثانية على العزاء بعد عامين من المحاكمات الطويلة ، حاول فيها حبارة الهرب وفشل ، إلا أن ذلك لم يمنعه من الحصول على فرصته الكاملة في الدفاع عن نفسه رغم اعترافه بجريمته وقوة الأدلة المقدمة ضده.
نفذت الدولة حكم الإعدام عقب صدور الحكم النهائي لتقطع الطريق أمام محاولات التشكيك في قدرتها على تنفيذ الحكم أو المساومة عليه لتؤكد مرة أخرى أنها لن تتحاور مع الإرهابيين وأنها عازمة على التخلص من هذه الجماعات بكل انواعها .
كان حبارة قياديًا مهمًا لشراذم الارهابيين في سيناء ، ومتصلًا بعناصر من القاعدة ثم داعش وحصل منها على تمويل للقيام بعمليات ضد جنود الجيش في سيناء مقابل أن يعلن ولاءه لهم ويقوم بتصوير أتباعه وهم رافعين علمها ، ثم تصوير العملية وإرسالها لأبو بكر البغدادي في الموصل ليحصل على مزيد من الأموال للقيام بعمليات اخرى أو سرقتها مثلما فعل ابو عبيدة المصري الذى سرق مليار ليرة سورية من بيت الزكاة بمحافظة دير الزور في سوريا ثم هرب .
قطعا لن يكون حبارة هو الاخير على حبل المشنقة ، فلا يزال الطابور طويلا والتنظيمات المقدمة للمحاكمة تنتظر دورها بعد حبارة ، الازمة ليست في حبارة ولكن في من يدعم منهج حبارة بالأفكار والنصوص الدينية والتمويل المفتوح ، والتخطيط الاستخباراتي ، انتقاء الضربات والاماكن والأهداف يشير بوضوح الى اننا امام حالة لن تنتهى بدون تعاون دولي حقيقي واستئصال كامل لهذه الافكار وهنا يأتي دور المكان الوحيد القادر على القيام بهذه المهمة وهو الازهر الشريف .
ورغم تنوع العمليات الارهابية ووصولها الى العديد من دول العالم لا يزال مقدمو خدمة مواقع التواصل الاجتماعي يتجاهلون نداءات الدولة المصرية والعديد من دول العالم لغلق المواقع التكفيرية وحسابات عناصرها التي تخطت 100 الف حساب على موقع تويتر فقط ، بالإضافة إلى الآلاف الصفحات على الفيس بوك فضلا عن احصائيات اخرى تتحدث عن ان 80 % من الذين انتسبوا الى تنظيم داعش تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما بات يهدد العالم بموجات ارهابية لا نهائية نظرا لانتقال هذه الافكار الى أجيال جديدة من الشباب واستغلال عدم فهمهم للدين او تنشئتهم في بيئة تسيطر عليها الأفكار المتشددة لتجنيدهم في العمليات الإرهابية والانتحارية .
حبارة والانتحاري محمود شفيق مرتكب حادث تفجير الكنيسة البطرسية وجهان لعملة واحدة اسمها الافكار التكفيرية والارتباط بشيوخ التطرف وشاركوا في مظاهرات التيارات المتطرفة التي أعقبت 25 يناير وحملوا صور اسامة بن لادن واعتبروه شهيدا وتنقلوا بين افكار سيد قطب ويوسف القرضاوي ووجدي غنيم التي اوصلته في النهاية الى نقطة اللا عودة ، يكفى ان يسمع طعن سيد قطب منظر جماعة الاخوان المسلمين الارهابية في المسيحيين في كتابه معالم على الطريق وانهم ليسوا المقصودين فى اية ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) ليتم بعدها تكفيرهم واستهدافهم واستحلال حرماتهم في كل مكان حول العالم .
ورغم معرفة دول عديدة بأفكار الاخوان والسلفية الجهادية التكفيرية وأنها مصنع الإرهابيين الا اننا نجد دولا مثل قطر وتركيا توفر لهم ملاذا امنا وتمويلا ضخما لإثارة العنف والفوضى في مصر ودول اخرى فيما توفر دولا اوروبية ملاذا آمنا لأموالهم وتغطى تحركاتهم بل وتستمع لهم في شكواهم ضد الدول التي تحارب عناصرهم الارهابية وبدون ذلك التعاون الدولي واستمرار تقديم الدعم لهم بطريق مباشر وغير مباشر ، ناهيك عن دعم العالم للجماعات الارهابية في مواجهة الدولة السورية وحالة الفوضى الناشئة عن دعم تلك الجماعات والتي أتاحت لها فرصة التمدد والحصول على تمويل من اطراف تعارض بقاء الأسد في الحكم وهو ما يستخدم بعد ذلك في تمدد التنظيم وانتشار دوائر القتل والتفجير في كل جوار سوريا .
القضية لم تغلق بإعدام حبارة ، فطريق التخلص من الافكار التكفيرية ووقف منابع تمويلها شاق وصعب ويحتاج لعمل جاد ومستمر ، يبدأ من داخل الأسرة المسلمة التي يجب أن تتحرك لمتابعة أولادها والتأكد مما يتعرضون له من افكار ، وأن تعود لرابط الاسرة مكانته السابقة لمنع انخراط مزيد من الشباب والاطفال فى هذه الجماعات .