بقلم – رشا يحيى
خدعوك فقالوا إن خطابنا الدينى سبب انتشار الإرهاب والعنف وأساء للإسلام مما يستوجب التجديد والتصحيح وننتظر المطالبة بتجميله بالمكياج والبوتكس والليزر!!.. خدعوك حين قالوا إن الإرهاب صنيعة المسلمين وإن التراث الإسلامى يحتاج إلى تنقية وشككوا فى صحة الأحاديث النبوية وسفهوا جامعيها ورواتها وتناسوا قول الحق: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين».. وقول رسولنا الكريم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. ويغضون الطرف عن لغتنا العربية الغنية والتى يصعب على غير الدارسين لها فهم مقاصد الكلمة ومعناها، يتناسون أننا أصحاب التاريخ والحضارة والأرض المقدسة لذا بذل أعداؤنا الجهد فى دراستنا ودراسة دقائق أمورنا وعرفوا أن السبيل للوصول إلى غايتهم يقوم على أربعة محاور تعمل فى آن واحد، المحور الأول ضرب اللغة العربية.. والثانى تقزيم الأزهر الشريف والقضاء على دوره كمنارة للعلم والحضارة والإسلام الوسطى وذلك لخطورة دوره فترات الاحتلال الفرنسى والإنجليزى.. أما المحور الثالث فصناعة الفتن الطائفية والانقسامات المذهبية.. وأخيرا ضرب الثوابت الدينية، الأحاديث والمذاهب للوصول إلى القرآن الكريم.. عمل أعداء الأمة على مساعدتنا فى تقوية لغتهم وزرعوا داخلنا أن لغتهم هى رمز الحضارة والرقى ومن يجهلها متخلف وسيظل!!.. فانساق العرب وراء بريقهم الخادع وانتشرت المدارس الأجنبية والدولية من المحيط إلى الخليج، وأصبحت الأجيال الجديدة تجهل لغتها العربية وتتلعثم فى نطقها!!.. فشلنا فى الحفاظ على لغتنا الغنية ولم ننظر إلى الأمم التى حافظت على لغتها ووصلت إلى التقدم والرقى كالصين واليابان وألمانيا وفنلندا.. وبعد أن كنا نتباهى أن الاستعمار لم يستطع أن يغير لغتنا بل نحن الذين أكسبناه اللغة العربية.. أصبحوا يرتعون فى الدين بعد زعزعة اللغة العربية التى تساعدنا على فهم ديننا وتأصيله وتوصيله داخل وجداننا.. لقد أرسل الغرب العديد من رجاله النابهين الذين يطلق عليهم المستشرقون للبحث والتنقيب فى الدين وعلومه لإبراز ثغرات يصعب فهمها على العامة، وتفسيرها كما يريدون أملا فى الانقضاض على الدين.. وجندوا معهم أنصاف المثقفين من أبناء الأمة الذين يحملون قليلا من العلم وكثيرا من الطموح، ويدعون النضج العقلى وأنهم ملهمون بتصحيح وتجديد وتجميل الدين، وكل ما يرددونه من تشكيك وعبث نتيجة عصارة جهد المستشرقين.. أراد الغرب خلق دين إسلامى يلائم طموحاتهم فى المنطقة العربية، لا يحرم الخمر والخنزير.. ولا يعترف بالحجاب.. ويساوى بين المرأة والرجل فى الميراث.. ولا يعرف الجهاد فى سبيل الله والوطن والاستشهاد والنخوة والكرامة.. وينادى بعض هؤلاء بمنازلة فضيلة الإمام الأكبر ليقارعوه الحجة بالحجة!!.. وهم يريدون أن يعلوا بهاماتهم بتلك المناظرات.. فمن هم؟!! وكم تقطع المسافة الفاصلة بين علم فضيلته وعلمهم؟!.. فهم كطفل يعترض على المنهج الدراسى فيريد التباحث مع وزير التعليم!!. وبالتوازى جندوا ضعفاء العلم والنفس لصناعة إرهابيين يحملون ديانة الإسلام، فهم صناعة الغرب المحملون بما يبث داخلهم من تفسيرات خاطئة عن الدين الإسلامى الحنيف دين السلام والتراحم والتآخى.. لقد صنعوا الخوارج وهم أنفسهم الإخوان وهم القاعدة وهم داعش.. وهم من يتم إعدادهم كل يوم بمسميات جديدة تحمل الأفكار الهدامة التى لا تمت للإسلام بصلة.. ولم يستقوا علمهم من مناهج الأزهر أو تعاليم فى تراثنا تحض على العنف والإرهاب.. ولأن الأزهر الشريف صرح عظيم يقف برجاله أمام الضربات المتوالية وحملات التشوية كصخرة لا تميل ولا تلين.. فيدفعون المليارات لإسقاطه بالتشكيك والتهكم لإضعاف معنويات رجاله.. وازدهر هذا المخطط أيام الإخوان ورأينا جرائمهم تجاه الأزهر وجامعته من وضع السموم فى أطعمة الطلاب، إلى هدم القاعات والبوابات، وضرب السيدات الفضليات من أساتذة الأزهر!!..وكلما اشتدت الضربات زاد يقينى أن دوره عظيم يصعب مهامهم ويؤرقهم، الأزهر لا يصنع الإرهاب ولو كان كذلك لأتت إليه المنح والعطايا والجوائز العالمية لأنه سوف يحقق مبتغاهم.. لقد استطاع أعداؤنا دفعنا إلى دائرة مفرغة ندور حولها وداخلها دون أمل، فلسنا موصومين بما يدعون.. ربما فرطنا فى زيادة التوعية وخاصة بعد العولمة والإنترنت الذى اقتحم العقول وغيبها وعبث بها.. وعلينا أن نخرج أنفسنا سريعا من مؤامرة تشكيكنا فى فحوى الكتب والأحاديث.. وأن يحث فضيلة الإمام الأكبر رجاله الموهوبين من شباب الأزهر وعلمائه الجدد أمثال د.أسامة الأزهرى، ود.الشحات العزازى، ود.إسلام النواوى، على تفنيد الأباطيل التى تطال الإسلام للرد عليها بالحجة.. ووضع منهج واضح لمواجهة تلك الهجمة الشرسة وأن يوضحوا الهنات التى تصيب البعض بالالتباس والتشتت.. ويظهروا للكافة الجهود التى تبذل على مدار تاريخه لإصلاح المناهج.. وعليهم أن يمنعوا السفهاء أعداء أنفسهم من الحديث فى العقائد فهى علوم لا تخضع للهوى وعلينا أن ندرك أن ساحة الأزهر الرحبة ملاذ للجميع بمن فيهم إخواننا المسيحيون الذين درسوا فيه أمثال الوطنى المخلص «مكرم عبيد» ونعلم أن الفتنة الطائفية شىء دخيل ومفتعل ظهر فى السبعينات، ولم ولن يؤثر فى مصر أرض الأمان.. خدعونا وقالوا قولهم وفعلوا أفعالهم ووقعنا فى الفخ واهتزت ثقتنا بأنفسنا.. كذبوا وصدقناهم.. فما زال أعداء الإسلام حائرين فى يوم الجمعة الذى تمتلئ فيه المساجد بالمصلين.. حائرين من لهاث المسلمين لحج البيت وجمعهم الأكبر على مستوى العالم والتاريخ رغم صعوبة المناسك والتكاليف الباهظة.. علينا أن ندرك مؤامراتهم وعلى من يدعى أن الخطاب الدينى سبب الإرهاب أن يفسر أسباب انضمام العديد من الرجال والسيدات والأطفال الأوروبيين إلى داعش.. وأن يفسر علاقة الإخوان الرائعة بكل من إيران وتركيا رغم تعارض توجه الدولتين.. الكل يعلم أن الإرهاب صنيعة الغرب والصهيونية العالمية وأن ما يحدث لنا وبنا نتيجة بعدنا عن دين الله وسنة رسوله الكريم وعن لغتنا العربية.. وعلينا أن نتذكر أن عظماء الفكر والأدب والفن من حفظة القرآن وأبناء الكتاتيب..أننى أطالب قبل تجديد وتحديث وتجميل الخطاب الدينى بالعودة لدراسة الدين واللغة العربية وحفظ القرآن دراسة حقيقية لحمايتنا.. وأن نعمل بوصية الرسول «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا».