بقلم – رشا يحيى:
انقضى عام ٢٠١٦ بكل ما فيه من أفراح وأوجاع، وهل علينا العام الجديد ونحن آملون أن يعم مصرنا الغالية والعالم أجمع الخير والبركة والسلام.. واحتفلت مصر بمولد السيد المسيح وتشريف فخامة الرئيس بمشاركة أهلنا فى عيدهم كسنة سنها تعميقا للترابط والتراحم الذى يجمع المصريين بمختلف عقائدهم وانتماءاتهم.. وقد تم استقبال الرئيس بالكاتدرائية بالفرحة والسعادة والزغاريد، وهو المكان الذى يبعد أمتارا عن المكان الذى حاول أعداء الحياة والإنسانية تفجيره، وقتلت الأرواح البريئة الطاهرة أثناء صلواتهم ودعواتهم وقربهم من الله فيه.. ولكن بجهد رجالنا الأبطال عادت الحياة إلى الكنيسة البطرسية فى أيام قليلة لتعود فى كامل رونقها، وهى تحتضن الدماء الزكية لشهداء مصر خلف ألواح من الزجاج لتظل شاهدة على الأيادى الآثمة الخبيثة التى تعمل على الهدم ونشر الفزع والحزن، والتى لا يمكن أن نحاربها سوى بالبناء والطمأنينة والفرح.. لقد بدت السعادة على قسمات وجه الرئيس وفى نبرات صوته وانتقلت إلى كل المصريين لتخلق داخلنا التفاؤل والأمل.. كما بدت على البابا تواضروس معالم التأثر والرئيس يصارحنا بأن البابا لم يتصل أو يطلب منه ولو مرة واحدة خلال الثلاث سنوات السابقة ترميم الكنائس المهدمة والمحروقة رغم أن هذا حقه!!.. وهو ما يدل على وطنية وإخلاص البابا وكل أهلنا المسيحيين الذين يعشقون تراب مصر، وتهون عليهم كل الآلام والمصاعب أمام هذا العشق، حتى أصبحت وطنيتهم مضربا للأمثال فى العالم أجمع.. لذا رد الرئيس جميل الصبر والرضا بإعلان الانتهاء من ترميم جميع الكنائس المضارة عدا اللوحات الزيتية فى كنيستين إحداها فى المنيا والأخرى فى العريش ولكن أكد أن العمل سينتهى بهما خلال أيام.. وكعادة الرئيس إعلان المفاجآت السارة أثناء كلماته للشعب فى المناسبات المختلفة، أعلن فخامته أن العام القادم سوف نحتفل بافتتاح أكبر مسجد وكنيسة فى مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالإضافة لبناء مركز حضارى يكون من معالم مصر الجديدة المعلمة للعالم على مدار التاريخ الإنسانى.. وقد أعلن الرئيس مساهمته فى بناء المسجد والكنيسة بمبلغ مائة ألف جنيه مناصفة بينهما، ودعا المصريين للمشاركة.. ومع روعة الفكرة وأهميتها إلا أننى أطالب فخامة الرئيس بالإعلان أيضا عن بناء معبد يهودى ليصبح هذا المكان الوليد مجمع أديان جديدا كمجمع الأديان القديم بالفسطاط فى منطقة مصر القديمة.. والذى يضم جامع عمرو بن العاص الذى يعد من أقدم وأكبر المساجد فى مصر وإفريقيا، كما يضم مجموعة من الكنائس والأديرة التى شرفت بتواجد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام والسيدة العذراء خلال رحلتهما فى مصر.. كذلك المعبد اليهودى الذى شهد صلوات سيدنا موسى بعد أن كلفه الله بالرسالة.. فأتمنى أن تحتضن العاصمة الجديدة الأديان الثلاثة عملا بقول الحق سبحانه وتعالى فى سورة البقرة: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ».. فنحن نؤمن برسول الله سيدنا موسى عليه السلام وبالتوراة، ونؤمن برسول الله سيدنا عيسى عليه السلام وبالإنجيل، ونؤمن بخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد ﷺ وبالقرآن الكريم.. علينا أن نرسخ لفكرة الرئيس فى تعليم العالم أن مصر الحضارة والتاريخ بلد السلام والأمن تفتح أحضانها للجميع بلا تفرقة.. وتستقبل كل إنسان يحترم الإنسانية وحقوقها بكل الحب والاحترام.. وأن نبنى متحفا يجمع بعض الآثار للديانات الثلاث، ونحن نمتلك الكثير من الآثار العظيمة المبهرة، ونستطيع نقل بعضها إلى هذا المتحف.. أتمنى أن يعلن الرئيس بناء معبد ضخم كالمسجد والكنيسة الذى أعلن عنهما، وأن نساهم جميعا فى البناء، حتى نعلم العالم أن مصر بلد السلام بحق، والتى لا تكره إلا الإرهابيين الساعين للخراب والدمار، وأننا نفرق بين الصهيونية وما تفعله بنا من إرهاب وقتل وتدمير ومطامع ومطامح لا تنتهى فى أمتنا العربية، وبين اليهود الذين يحترمون الدين والإنسان، هناك فرق كبير بين العقائد وبين العابثين فى مصائر الأمم والعباد، علينا أن نعلن الحب والسلام، وخاصة وقد سبق وتهكم البعض على المسلمين المصريين واتهموهم بأنهم يريدون أن ينفردوا بمصر!!..مدللين على ذلك بأننا بعد أن كنا نصنع فيلما سينمائيا بعنوان «حسن ومرقص وكوهين» عن ثلاثة أصدقاء مصريين مسلم ومسيحى ويهودى، تحولنا إلى صناعة فيلم بعنوان
«حسن ومرقص» عن صديقين مسلم ومسيحى فقط، ساخرين بأن المسلم سوف ينفرد بعد ذلك بالفيلم وحده!!..وهو ما يدل على أهمية الفن ودوره، والرصد لخطورة هذا الدور الهام.. ربما تروق فكرتى للبعض ويعترض عليها البعض الآخر، ولكن أتمنى أن تروق للرئيس والقائمين على شئون الدولة وألا نضيع هذه الفرصة العظيمة باستدراك بناء أكبر معبد فى مصر فى العاصمة الجديدة أيضا، إعلاء لكلمة الله واحتراما وحبا لدينه، فكما قال تعالى فى سورة الحج: «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».