بقلم – وليد طوغان:
صحفى سعودى صديق سألنى: لماذا ترون أنه لا يجب أن يكون للمملكة توجهات ومصالح فى الشرق الأوسط الجديد؟
من قال هذا الكلام؟ منذ متي والقاهرة ترى حرجًا فى توجهات الخليج نحو الشرق أو نحو الغرب؟
ما يردده الإعلام السعودى ليس فى محله. الإعلام المصرى أيضًا بعضه اصطاد فى المياه العكرة. من حق السعودية، أن تبحث عن الزعامة. صديقى السعودى يرى أن هذا حق بلاده. القاهرة ترى هذا أيضًا، لكن ألم يكن من الأولى الإجابة عن السؤال: لماذا ترى المملكة أن استمرار التواجد المصرى على الساحة يسلب حقها فى الزعامة؟
هذا بيت القصيد.. هنا القصة. الأزمة أن بعضًا من الأجيال الجديدة على عرش المملكة السعودية أصبح على يقين من أن استمرار تواجد «القرار المصرى» على الساحة يخصم من مصادر قوة الرياض.
السياسة فرص. عندما تحين الفرص، ليس هناك ما يمنع من محاولات بعضهم ملء الفراغ، لكن بالمنطق نفسه، لا يمكن أن يصر بعضهم على احتكار الفرص، وملء الفراغ، بتوقيف الجغرافيا والتاريخ.
ثم السؤال المهم هو: من الذى جاء بالفكرة أن خلو الساحة من قرار مصرى، هو ضرورى لتواجد سعودى؟
والسؤال الأهم مرحليًا: هل نجحت السعودية، فى مساعى الزعامة، منذ ٢٠١١ حتى اليوم؟
تقارير سعودية نشرتها «صحيفة اليوم» على سبيل المثال أشارت إلى أن الغرب يتحدث عن تخبط سعودى بعد اصطدامه بالحائط المصرى فى الأزمة السورية. لفظ «الحائط »، وصف غربى، مصر لم تكن حائطًا لا قبل، ولا بعد، ولم تكن مانعًا ضد المملكة، ولا ضد أية دولة عربية، كل ما هنالك، أنه إذا كانت المملكة، ترى أن تواجدها، على طريقتها، يجب أن يتم، وبالطريقة التى تحددها، فإنه ليس من المهارة، الاعتقاد بأن الوقت ما زال ساد موجودًا على رأس الحكم فى مصر.
إذا كان الوقت قد بدأ فترة، أن السياسة فى المنطقة، ممكن رسمها من الرياض، فإن الحصافة تشير إلى أنه عندما تتغير ظروف لم تستمر إلا شهورًا، ويبقى على الساسة الجدد إعادة معادلاتهم حسبما استجد، بعدما عادت الأمور لنصابها.
أيام الفراغ زالت، و«منخفض الصعود» فى السجن، وليس عدلًا أن تتعامل الرياض إلي الآن على أن سياستها تجاه نظام الأسد مثلًا، هى بالضرورة يجب أن تعطل توجهات وسياسات القاهرة تجاه دمشق.
من قال إن وقوع الرياض فى «حيص بيص»، بعد تسويق اتفاقية تيران وصنافير على أنه انتصار باهر للأجيال الجديدة فى الحكم بالرياض، لا بد أن يضع القاهرة أمام مسئولية إخراج الأجيال الجديدة فى الحكم هناك من أزمتها أمام شعبها؟ من قال إن مصر هى التى عليها أن تعيد تبديل ملابس الجيل الجديد فى الرياض، وهى التى عليها أن تعيد تنظيفه من أول «سقوط»؟.
بصرف النظر عن جنسية الجزيرتين، فإنّ تداعيات أزمتهما فى الداخل المصرى لا يجب التعامل معها من منطلق «يا تسلمهم يا بلاش»!.
حتى الآن لم تنجح الرياض، بعد محاولات التزام الجانب المصرى ضد تركيا، عادت الرياض أدراجها لموالاة أنقرة ضد القاهرة، فجأة وقعت الرياض فى ارتباك تغيير الجانب التركى سياساته تجاه الأزمة السورية، لصالح روسيا.
صحف سعودية أشارت إلى مدى صدمة الرياض مؤخرًا فى أنقرة، فقدت الرياض القاهرة وتركيا.. وانتصرت روسيا والأسد فى حلب، حاول الإعلام السعودى تصوير استعادة السوريين حلب على أنه انقلاب على الإنسانية، قالوا إن بشار الأسد يظل هو الحاكم الذى استخدم البراميل المتفجرة ضد المدنيين.
الإعلام الغربى بدأ فى ملاعبة الرياض، نشرت تقارير صحفية دولية، تأكيدات بأن السعودية استخدمت غازات سامة فى حربها على الحوثيين فى اليمن، ردت الرياض بأن «الغازات»، التى استخدمتها مشروعة دوليًا!
والذى يقول إن «الغازات السامة»، المحرمة دوليًا، هى مشروعة فى اليمن.. هو نفسه صاحب الرأى بأن ما تراه الرياض من رؤى، يجب أن يجد صداه فى القاهرة إيجابًا وقبولًا.
لم يقولوا ما السبب.. ولا كيف؟