بقلم – رشا يحيى:
نحن جيل لم نكن نسمع عن المتحدث العسكرى ولا نعرف عنه شيئا، ولا أعلم من الأساس إن كان هذا المنصب موجودا من قبل أم مستحدثا.. لأننا عشنا عمرنا فى حالة السلام التى لم نعرف غيرها، حتى كنا نتندر ونتهكم على كلمات مثل: مصر بلد الأمن والأمان.. اعتقادا منا أنها حالة طبيعية لا نتميز بها عن أحد، فلماذا يذكرها رئيس الجمهورية فى خطاباته؟!.. حتى هبت علينا رياح يناير ٢٠١١ لنعرف معنى فقدان الأمن والأمان.. وفى أثناء الأحداث المتلاحقة وتحمل المجلس العسكرى زمام قيادة الدولة، بعد تخلى الرئيس مبارك عن الحكم استجابة لرغبة المتظاهرين وحقنا للدماء، ظهر علينا المتحدث العسكرى لأول مرة، وكان العقيد أركان حرب أحمد محمد على، وهو شاب وسيم ومهذب وفى نفس الوقت يمثل المؤسسة العسكرية العريقة التى يتعلق بها المصريون ويعتبرونها دائما المنقذ الأول والأخير، فأصاب المجتمع بحالة إعجاب وانبهار، وخاصة فى ظل تلك الفترة التى استشرى فى المجتمع المصرى أسوأ الصفات من سوقية وابتذال الحوار والعنف اللفظى والجسدى، فكان المتحدث العسكرى طاقة أمل فى النفوس المنهكة، وأصبح نموذجا لفتى أحلام المراهقات، ووصل الأمر إلى صناعة أغنية غزل شعبية غنتها «سما المصرى» التى لمع اسمها وذاع صيتها أيضا بعد ٢٠١١، وظل العقيد أ ح أحمد محمد على واجهة للقوات المسلحة حتى بداية ترشح المشير عبدالفتاح السيسى لانتخابات الرئاسة، فترك موقعه وترك الحياة العسكرية للعمل فى حملة الرئيس وبعدها فى ديوان الرئاسة.. وكان من الصعب تصور أن يملأ مكانه أحد، حتى تحمل المسئولية العميد أركان حرب محمد سمير عبدالعزيز، الذى أبهر الجميع بدماثة خلقه وأدبه الجم ووقاره ورقيه، فهو نموذج رائع فى تعاملاته الاجتماعية والإنسانية، فيتعامل مع كبار السن بمنتهى الاحترام والتوقير، ويتعامل مع الأطفال بقمة الحنان والأبوة ويقبل أيديهم، علاوة على دأبه فى العمل، فكان جميع من يعمل بالإعلام يشيد بتواجده الدائم للإجابة عن أى استفسار ليلا أو نهارا وكأنه لا ينام، وعلى الرغم من إلحاح الإعلاميين فى السعى وراء المعلومات إلا أنه لم يكل أو يمل أو يظهر أى ضيق أو امتعاض، وهو إنسان على مستوى ثقافى رفيع لا يترك كلمة منشورة بالصحف إلا ويقرؤها، ويثنى على الكتابة الجيدة وخاصة المقالات التى تراعى المرحلة الدقيقة التى نمر بها، أو التى توضح بعض الأمور وتنير العقول أو الأفكار البناءة التى يمكن أن تساهم فى حل المشكلات التى نعانى منها، فكان يحرص على التواصل مع الصحف والحصول على أرقام الكتاب والصحفيين للتعليق على ما يكتبون.. وكان لى شرف تعليقه على بعض مقالاتى والثناء عليها، فكان شرفا كبيرا وسعادة غامرة منى ومن العديد من زملائى الذين حدث معهم نفس التواصل.. وقد سمعت من بعض المقربين عن اللقاءات والندوات التى كان يشارك بها وخاصة التابعة لوزارة الداخلية وعن كم المعلومات الرائعة التى يلقيها بتلقائية وسلاسة وعن المكافآت الرمزية التى كان يمنحها للمتلقين بعد فوزهم فى الإجابة عن سؤال أو معلومة تنشط الأذهان، كذلك كان يتسابق معهم فى بعض التدريبات الرياضية كالضغط، وكان دائما هو الفائز، لأنه يتمتع بلياقة بدنية حافظ عليها ليصبح نموذجا لضابط القوات المسلحة المشرف للعسكرية المصرية، والمحبب فى إنسانية هؤلاء الرجال العظام الذين يحملون همومنا حربا وسلاما، وكانت صفحته على الفيسبوك والتى تحمل اسم «الصفحة الرسمية للمتحدث العسكرى للقوات المسلحة» ملاذا للجميع للتحقق من الأخبار أو متابعة إنجازات قواتنا المسلحة، أو مشاهدة ما يعرضه من نماذج مشرفة لأبطالنا الأقوياء حماة الوطن حماهم الله، حتى أصبح الملايين يتابعون الصفحة ويهتمون بنشر كل ما يكتبه أو ينشره.. ومنذ فترة قليلة أعلنت القوات المسلحة عن انتهاء فترة العميد أ ح محمد سمير كمتحدث عسكرى وتركه للحياة العسكرية، وتحميل المسئولية إلى العقيد أركان حرب تامر الرفاعى، المتحدث العسكرى الجديد، فكانت مفاجأة كبيرة وخاصة من يعرفون الرجل الذى كنا نتوقع تقلده لأعلى المراتب العسكرية نظرا لكفاءته وجديته، ولكن شاء الله أن يعود للحياة المدنية لحمل رسالة جديدة وهى توليه لإدارة قناة العاصمة التى يمتلكها الدكتور سعيد حساسين، عضو مجلس النواب، والتى يتم تجديدها بعد أن تسلمت إدارتها شركة «شيرى ميديا»، والتى يرأس مجلس إدارتها الأستاذ إيهاب طلعت المشهود له بالبراعة فى المجال الإعلامى، وكذلك يشغل فيها العميد محمد سمير أيضا منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، وقد سعدت باختيار العميد محمد سمير لتحمل مسئولية قناة العاصمة، لأن اختياره ينم عن ذكاء ورغبة فى وضع من يستطيع العمل والإنتاج وتحمل المشاق، وهو ما تعوده العميد أ ح محمد سمير طوال حياته العسكرية الصارمة، كذلك نظرا لعلاقاته المتعددة والجيدة بالوسط الإعلامى ككل، فهنيئا لقناة العاصمة حسن الاختيار وهنيئا لنا بمكسبنا لهذا النموذج المشرف فى الحياة المدنية وفى انتظار السماع عن النجاحات الكبيرة التى ننتظرها ونتمناها داعين المولى عز وجل بالتوفيق له، ومتمنين التوفيق والسداد للمتحدث العسكرى الجديد ولقواتنا المسلحة الباسلة.