بقلم – كمال عامر:
«فى مصر كل حاجة ناقصة» شعار موروث وما زال موجودا بقوة وهو أخطر أنواع الأسلحة التى يرفعها المتطرفون وغيرهم ضد أحلامنا ومستقبلنا.
الحكاية أن السيسى وغيره من المسئولين لديهم كل الرغبة والإرادة والعزيمة الوطنية والشخصية لتنمية البلد، فالقيادة تحاول أن تبتكر من أجل تحقيق الرضا للمواطن ولا يمكن أن نشكك فى تلك الجهود المبذولة فى هذا الشأن من بناء وتوسيع لطرق الإسكان وحزمة إصلاحات اقتصادية لجذب رءوس الأموال.. عملية تنمية شاملة.
لكن أيضا هناك ملاحظة غريبة وهى أن كل ما يحدث من أعمال أو مشروعات تنفذها الحكومة عادة ما تكون ناقصة حتة. ولَك أن تتخيل تورتة حلوة ناقصة قطعة أو سكر، بالطبع هناك رد فعل صادم من شكل التورتة ومن الحالة النفسية التى قد تصيب من ينظر إليها أو يتذوقها.
الرئيس السيسى تحديدا لا يترك أى فرصة إلا واستغلها لصالح البلد والمواطن ونحن نعلم ذلك.. لكن فى الواقع نجد أمثلة من عينة: مصرية مثقفة حاصلة على شهادة البكالوريوس من الجامعة الأمريكية وتعمل بإحدى الشركات الأمريكية العاملة بمصر، انطلاقا من وطنيتها أيقنت ضرورة أن يكون لها دور فى عملية الترويج لعودة السياحة بعد فشل الترويج الحكومى، ودعت مجموعة من العاملين بالشركة بالمقر الرئيسى بأمريكا وهى على قناعة بأن أفضل الحلول بشأن الترويج هو الجذب المباشر، وضعت خطة لاستغلال حضور المجموعة الأمريكية لمصر، رسمت خط السير وحددته بدقة تمنح فيه الضيوف فرصة مشاهدة مصر بكل ما فيها، وخططت للتفاصيل، كانت أولى الزيارات إلى الصوت والضوء بالأهرامات، وهى فرصة اطلاع الضيوف على اهتمام الدولة بالمحافظة على التراث الإنسانى كسلوك حضارى، على أن تكون الرؤية المباشرة وسيلة الإقناع.
فى الطريق إلى الأهرامات ثم إلى مدخل الصوت والضوء وفى أثناء الحفل فوجئت الفتاة المصرية وضيوفها بأصوات من سرادق عزاء، وقد اخترق مكان الحفل الدعاء للميت، غطى على موسيقى وكلمات حفل الصوت والضوء!! ولا أعلم لماذا سمحت وزارة الثقافة بإقامة سرادق عزاء بالقرب من مكان الحفل. أليس هناك حلول لمثل هذه المواقف التى تفسد «كل الطبخة»، الضيوف قالوا تعليقا: الحفل فى ظروف غير مناسبة.
ثم عندما ذهب الضيوف لشارع المعز صدموا لوجود التكتك والدراجات بعد أن كان الطريق للمشاة فقط، لكن فى الحسين على المقاهى نجح المواطن المصرى البسيط الأصيل فى تدارك هذا الأمر عندما رحب بالضيوف بكل الطرق وبكل اللغات.. نجح المواطن لكن للأسف سقطت وزارة الآثار.
الرئيس السيسى مهتم شخصيا بالطرق والمواصلات وحل الاختناقات المرورية لتسهيل حياة الناس لكن لو تحرك أحد المسئولين وشاهد ما يحدث فى حى النزهة بعد أن قرر رئيس الحى حفر الشوارع المحيطة من أجل أعمال كهرباء ودفن كابلات ثم ترك مكان الحفر ونتائجه من ردم وبقايا رصف وهى مواد صلبة تلحق الضرر بالسيارات وبالإنسان وتصنع نقاط اختناق بالشارع أمام كنيسة مارى جرجس.. فضلا عن أن الحفر يمكن لأى إرهابى استغلاله، فأصبحنا أمام حالة من الفوضى صنعها حى النزهة، وزادت من معاناة السكان، ومن يقطع تلك المنطقة راكبا أو مترجلا يلحظ بوضوح هذا الإهمال المتعمد من رئيس حى النزهة الذى لا أعرف أسبابه..نفس الأمر تجده فى شارع د. أحمد أمين الفرعى.
بالطبع هذا الإهمال يتشابه مع التخريب المتعمد فى النتيجة: وصول المواطن المصرى فى النهاية إلى حالة من الغضب على النظام.. المفارقة هنا أن الهيئات التابعة للدولة تسير فى الاتجاه الذى يريده الخونة والإرهابيون للبلاد وهو صنع غضب يؤدى إلى ثورة من المواطن على الدولة.
إهمال عودة الطرق بعد الحفر لطبيعتها يزيد من معاناة الناس ويقلل من انسياب المرور ويلحق الضرر بالمواطن ويعرضه للحوادث.
المحليات هى أخطر الجهات تأثيرا على الناس فهى الحائط الأول فى التعامل، ولو أفرطنا فى فكر نظرية المؤامرة يمكننا أن نقول إن هناك من يسيطر على تلك الجهات ويقوم بتنفيذ خطة لزرع الغضب ونشره بين الناس.. لكنى أعتقد أن المشكلة أننا فى مصر لم نتعود على إكمال أى فكرة جميلة أو مشروع ناجح، وسرنا وفق مقولة «إفساد الطبخة» من أجل سبب تافه. حياتنا محتاجة تكمل، ومشروعاتها أيضا فى حاجة للاستكمال والاهتمام بكل تفاصيل العمل، الناس تعبانة بلاش نزيد تعبها. سهلوا حياة الناس يرحمكم الله، والتسهيل هنا لا يحتاج إلى زيارات ميدانية من المسئول فقط بل إلى متابعة وتدقيق فى كل شيء، وإن لم يفعل عليه أن يترك مكانه لغيره، وما يحدث الآن بالمحليات خطر يهددنا جميعا فتعكير حياة الناس يصب فى صالح أعداء مصر والسيسى.