الناس يتساءلون: هل تراجعت الحكومة عن فكرة التعديل الوزاري.. أم هى بصدد الإعداد لتشكيل حكومة كاملة.. جديدة؟! وهل اعتذارات الناس هي سبب الرجوع عن التعديل.. وإذا كان الأمر كذلك.. فكيف هو الحال مع فكرة تشكيل حكومة جديدة بالكامل!.. هنا أرى أن الأفضل هو حكومة قومية لها جناحان، الأول اجتماعى أى يراعى البعد الإنسانى فى تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادى أى بتخفيض حدة القرارات على الناس.. والابتعاد- ما أمكن- عن أسلوب الصدمات لأننى أخشى هذا الأسلوب.. ولأننى أخاف على بلادى من عواقبه..
والجناح الثاني: اقتصادى بالكامل.. حتى وزراء الخدمات.. وتكون للجناحين الغلبة عند التصويت، على كل القرارات جماعية.. أقول ذلك وأنا أعلم أن مسئولية الوزراء جماعية.. ولكننا تعودنا أن يدخل الوزير بوعود براقة.. وتعودنا أكثر ألا نحاسبه، عندما يخرج. وربما اعتبرنا إبعاده عن المنصب هو العقوبة، ولكننى أراها غير كافية؛ إذ لابد من عقاب المخطئ..
ومادامت الأمور وصلت إلى هذا الحد من القلق على مصر كلها.. فلماذا لا نفكر فى «تشكيل حكومة أزمة».. أو حكومة ضرورة. وليكن القرار تكليفاً أى إرغام الشخص الأكثر قدرة على تولى هذه المهمة.. تمامًا كما يحدث فى موضوع التجنيد. ولا نقنع هنا بفكرة «تشكيل حكومة تقشف وطني» مثلًا ولا مجرد حكومة تتحرك، وتحارب الغلاء.. أو تضرب أعناق الجشعين ولو تصادر ما يربحونه بعيدًا عن إنسانية التاجر وسلوكه.. لكى نحرم الجشِع من ثمار جشعه.. وبالذات من يبيع السلعة فى المساء بسعر يزيد عما يبيعها به فى الصباح.. لأن السلعة هنا هى نفس السلعة.. فلماذا تتعدد أسعارها باختلاف ساعات الليل والنهار؟!
وأعتقد أن مصر الآن أحوج ما تكون إلى حكومة أزمة ،ولا أطلق عليها اسم «حكومة طوارئ». ولا حتى حكومة تقشف، فلم يعد التقشف يكفى الناس، فى هذه الظروف الطاحنة.. وكل الأمل أن يرأس الرئيس السيسى نفسه- وبنفسه- الحكومة الجديدة، مهما كانت النصوص الدستورية والموانع القانونية.. ولا يجب أن يخشى الرئيس ذلك لأن الناس، كل الناس، يرون فيه الأمل.. وأنه «هو وليس غيره» المسئول الأول والأكبر.. ويكفى ما يقال عن شعبية الرئيس، بعد موجات الغلاء التى تطحن الناس جميعًا..
ومصر عرفت حكايات «حكومات الرؤساء» ،عملها جمال عبدالناصر.. وكررها الرئيس أنور السادات.. الأول فعلها ست مرات.. والثانى كررها ثلاث مرات وكانت كلها وزراء أزمات.. بل وحروب.. ويتحمل الرئيس-هنا- نتائج نجاحات أعمال حكومته.. كما يتحمل أى إخفاقات.. وهذا يقضى على أى أسباب تدفع الوزراء إلى الاعتذار عن قبول المنصب.. بل وتواجه مشكلة احتمال رفض أى شخص مسئولية رئيس الوزراء. إذ مادام الوزراء يعتذرون فمن المؤكد أن نجد من يرفض أن يصبح رئيسًا للوزراء.. خصوصاً فيما يقال الآن عن أن رئيس الحكومة «هو الذى يتحمل.. وسيتحمل» لعنات الناس، بسبب الغلاء..
وإذا كان الرئيس السيسى يحرص – وباستمرار – على أن يلتقى بمعظم الوزراء وكثيرًا ما تتم هذه اللقاءات – دون حضور رئيس الوزراء – فلماذا لا يتولى الرئيس بنفسه رئاسة الحكومة، ولا نخشى هنا مسألة الرقابة البرلمانية وهل يجوز للبرلمان مراقبة أعمال رئيس الحكومة، رغم أنه هو نفسه رئيس الجمهورية ؟ نقول ذلك ونحن نعلم أن الرئيس – مهما قيل غير ذلك – هو الذى يقبل ويرفض أسلوب أى وزير.. وهو الذى «يرى ويطلب» تغيير الوزراء.